:أخبار الأوقافأوقاف أونلاين

فعاليات الجلسة الافتتاحية
لمؤتمر المجلس الأعلى للشئـون الإســلامـيــة
الخامس والعشرين
تحت عنوان ” رؤية الأئمة والدعاة لجديد الخطاب الديني
وتفكيك الفكر المتطرف”

7

      برعاية كريمة من السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ورئاسة معالى أ .د / محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ومشاركة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور / أحمد الطيب شيخ الأزهر ، وحضور كوكبة من العلماء والمفكرين والمبدعين والمثقفين والفنانين وممثلي الكنيسة المصرية انطلقت اليوم السبت 14 /11 /2015م فعاليات الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المجلس الأعلى للشئـون الإســلامـيــة الخامس والعشرين تحت عنوان ” رؤية الأئمة والدعاة لجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف”

        وافتتح الجلسة معالي أ . د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف مرحبًا في كلمته  بالسادة الضيوف  ، والسادة الحضور ، موجها الشكر للسيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على تفضله بهذه الرعاية الكريمة للمؤتمر .

       وفي بداية كلمته أكد معالي أ . د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف إدانته واستنكاره الشديد للتفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس مساء أمس الجمعة ، مؤكدًا أن الإرهاب لا دين له ، ولا وطن له ، وأنه شر كله ، مؤملاً أن يسهم هذا المؤتمر في وضع حلول لاجتثاث هذا الإرهاب الأسود الغاشم من جذوره .

        وقد أكد معاليه أن قضية الخطاب الديني هي قضية  الأوقاف الأولى ، فهي قضية حياة لمن يريد أن يجلي الغبار عن الوجه الحضاري لديننا الإسلامي الوسطى السمح ، ولمن يريد أن يبني وطنا أو أمة على حضارة سمحةٍ مستقيمةٍ لا نتوءَ فيها ولا اعوجاج ، ذلك لأن ما أصاب الخطابَ الديني على أيدي أعدائه وأيدي الجهلة والمستأجرين وغير المؤهلين وغير المتخصصين من المحسوبين عليه من بعض أبنائه من الخلل والعطب فى الفهم والتفكير يحتاج إلى جهود مضنية لإصلاحه  وإزالته.

         وفي سياق متصل أشار معاليه إلى أن تصحيحَ الفكر والثقافة وتصويبَ مسار المعتقد الخاطىء ليس بالأمر الهين أو اليسير ، إنما هو أمر تراكمي من جهة ، وتتحكم فيه عوامل وعناصر متعددة من جهة أخرى ، فإن الأمر يحتاج إلى جهد دءوب ، وإلى عزيمة قوية وعلو همة لاختصار الزمن المطلوب ، وتقريب المسافات البعيدة ، وردم الفجوة بين الواقع المؤلم والطموح الذى نسعى إليه .

        مؤكدًا أن أحدًا لا يمكن أن يعمل وحده أو أن ينجح وحده أو أن يقضى على هذا التطرف وحده ، وأن قضيتنا هي أوسع من تجديد الخطاب الديني ، إذ نهدف إلى صياغة جديدة للفكر العربي والإسلامي من خلال تجديد الخطاب : الديني ، والفكري ، والعلمي ، والعقلي ، والثقافي ، والاجتماعي ، والإعلامي .

        على أن قضية الخطاب الديني إنما ترتبط ارتباطا وثيقا بتفكيك الفكر المتطرف وكشف زيغه وبطلانه ، وضلاله وإضلاله ، وفساده وإفساده ، مع كشف عمالة وخيانة وضلال معتنقيه ، لنحصن أبناءنا وشبابنا ومجتمعاتِنا من شر هؤلاء جميعا ، وهو ما يعالجه المحوران الأول والثاني من مؤتمرنا هذا بإذن الله تعالى .

         وقد أوضح معاليه أنه تم اختيارُ مدينةِ الأقصر التي تلفها الحضارة من كل جانب ، ويكاد كلُّ حجرٍ منها ينطق لغة تشهد بعمق هذه الحضارة ، مكانا لانعقاد المؤتمر ، للتأكيد على تعايش الإسلام مع الحضارات والمعتقدات المختلفة ، حيث تتعانق المساجد والمعابد والمعالم الأثرية والحضارية ، وهو ما أردنا أن نرسل من خلاله رسالة توضح نظرة الإسلام السمحة تجاه جميع الحضارات ، وحرصه على استيعابها والتعايش معها ، بما يحمل ردا عمليا على التنظيمات الإرهابية التي تقوم بنهب ممنهج للثمين والنفيس من الآثار ، ثم تقوم بتدمير ما تبقى من حطامها , لتخفي جرائم النهب التي تقوم بها ، مؤكدًا أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يهدموا أثرًا ، ولم يطمسوا معلما حضاريا واحدا في البلاد التي فتحوها ، ولم يثبت في تاريخ الإسلام أن الصحابة حطموا تمثالا واحدا سوى الأصنام التي كانت تُعبَدُ حول الكعبة يوم فتح مكة ، ولم يقل مسلم واحد الآن بعبادة تمثال أو أثر , بل إن قيام مسجدِ سيدي أبي الحجاج الأقصري هنا بمدينة الأقصر على أعمدة معبد الأقصر لخير دليل على عظمة حضارتنا الإسلامية وتسامحها وسعة أفقها , وحسن استيعابها للحضارات الأخرى .

        كما أننا نريد أن نرسل رسالة من هنا من مدينة الأقصر للعالم كله عن مدى الأمن والأمان الذي تنعم بهما مصرنا الغالية في ظل القيادة الحكيمة للسيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية الذي نؤكد دعمنا الكامل لسيادته ، ووقوفنا صفا واحدا خلفه وخلف قواتنا المسلحة الباسلة التي هي قرة عين الصديق ومكمن غيظ العدا .

         وفي ختام كلمته طمأن معاليه جميع الحضور أننا هنا في مصرَ القلبِ النابضِ للعالمين العربي والإسلامي , بإذن الله تعالى لن نركع ولن نستسلم لقوى الشر , ولن تزيدنا المحن إلا صلابة , فالضربة التي لا تقصم ظهرك تقويه , ولن نتراجع قيد أنملة أو ما دونها في مواجهة الإرهاب والدفاع عن أوطاننا وقضايانا العادلة وفي مقدمتها حقُّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته على حدود ما قبل الرابع من حزيران 1967م وعاصمتُها القدسُ الشريف ، معتمدين على الله (عز وجل) ، موقنين بأن خزائن الله ملأى لا تنفد أبدا ، وأن نصره آت وقريب ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

      وفي كلمته أكد فضيلة الإمام الأكبر  أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر أن ” العلماء ” هم أولى الناس بالمسئولية عما يحدث للمسلمين اليوم ، وإن ما حدث لهذه الأمة مؤخرًا ما كان ليحدث لو أن علماءها ومفكريها كانوا على يقظة لما يدبر لها من داخلها وخارجها ، وعلينا أن نعلم أن سر بقاء هذه الأمة ، رغم كل الضربات القاتلة التي تسدد إليها ، ليس مرده إلى أرباب العلم والفكر ، وإنما مرده إلى الله القوي العزيز ، الذي تعهد بحفظ القرآن الكريم من لدنه ، وبقاء هذه الأمة على قيد الحياة ، وإذا كان العلماء هم ورثة الأنبياء ، فإن هذه الوراثة ليست قاصرة على وراثة العلم والتشريع فحسب ، بل تشمل أول ما تشمل وراثة رسالتهم – عليهم الصلاة والسلام – في الإصلاح والتغيير، وبذل المجهود والعرق والتعب من أجل إنقاذ الأمة وإسعادها ..

        كما أكد فضيلته أن شريعة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان ، فأين هذا مما نحن فيه اليوم من صراع بين متطلبات الحياة من ناحية ، والفتاوى المتشددة والأقوال المتسيبة من ناحية أخرى، وصمت العلماء المؤهلين من ناحية ثالثة ؟! إن معنى صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان أنها شريعة جاهزة قادرة على تلبية الحاجات المتجددة لحياة الإنسان المسلم ، ومعلوم أن ذلك لا يكون إلا بتجدد أحكام الشريعة واختلاف الفتوى من زمن لزمن ومن مكان لآخر ، ومن العجيب أننا – نحن أهل العلم – نحفظ عن ظهر قلب ويتردد على ألسنتنا دائما أن الفتوى – في شريعة الإسلام – تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص ، ومعنى ذلك أن الفتوى التي كانت تواكب مستجدات القرن الماضي قد لا تصلح لمستجدات اليوم التي   لا تكف عن التبدل والتغير ، وإذن فكيف رهنَّا مشكلات اليوم بفتاوى القرون الخوالي ، وحكَّمنا فيها أقوالا لو بعث أصحابها اليوم لقالوا غير ما قالوه؟!

       وفي ختام كلمته اقترح أن يلجأ علماء العالم إلى اجتهاد جماعي يدعى إليه كبار العلماء  ممن يحملون هموم الأمة ومشكلاتها ليواجهوا بشجاعة القضايا العالقة مثل قضايا الإرهاب وتحديد مفهوم دار الإسلام , والالتحاق بجماعات العنف المسلح , والخروج على المجتمع وكراهيته , واستباحة دم المواطنين بالقتل أو التفجير , أو ما كان متعلقًا بحقوق الإنسان والحرية , أم كان متعلقًا بأمور الاجتماع وأولها قضايا المرأة , وتحديد أوائل الشهور العربية بالحساب الفلكي , ومسائل الحج , وبخاصة الإحرام من جده للقادم جوًا أو بحرًا , ورمي الجمرات في سائر الأوقات , وغير ذلك مما يفرضه واجب الوطن وواجب الوقت وحاجة الناس , مع استنهاض الأمة لاستصدار فتاوى تُوجب العمل وتحرّم التقاعس والكسل , شريطة ألا يُفتى في هذه القضايا الدقيقة بفتاوى مجملة ونصوص عامة لا تنزل إلى الأرض ولا تحسم القضية ولا تغير الواقع .593

اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى