:أخبار الأوقافأوقاف أونلاينمقالات

وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة يكتب للأخبار:
مخاطر الجماعات المتطرفة

أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

       لا شك أن الجماعات والتنظيمات المتطرفة تشكل خطرا داهما على الأفراد والمجتمعات ، وأن الالتحاق بهذه الجماعات والتنظيمات ينطوي على مخاطر جسام ، أهمها : أن الداخل مفقود والخارج مولود ، فهذه العبارة تنطبق غاية الانطباق على الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، حيث إنها تعمل بأقصى طاقتها على تجنيد الصبية والشباب والفتيات وكل من تستطيع الوصول إليه تحت إغراءات مالية ، أو معنوية ، أو مخادعة ، واستغلال لظروف بعضهم النفسية ، أو الاجتماعية ، أو مغالطات فكرية أو دينية ، أو وعود لا يملكون من أمرها لأنفسهم ولا لغيرهم شيئا ، وقد أعجبني ما سمعته من أحد المثقفين في نقاش له مع أحد الشباب حول لبس الأحزمة الناسفة ، فقال : لو جاءني من يطلب مني لبس حزام ناسف أو القيام بعملية انتحارية ، فإني سأسأله سؤالا واحدًا ، وهو : ما الذي يمكن أن يعود عليّ جراء القيام بهذا الأمر ؟ والمتوقع أن يجيبني : الجزاء هو الجنة بنعيمها وما فيها ، مع تعداده لما في الجنة من نعيم مقيم ، غير أن جوابي عليه هو : إن كان هذا الفعل كما تقول يؤدي إلى هذا النعيم المقيم فإني أؤثرك به على نفسي ، فتفضل أنت هذا الحزام وهنيئا لك أنت بهذا النعيم الذي تزعم أو تتوهم أنه مقيم ، إذ لو كان فيه كل هذا الخير والنعيم لما آثرونا به على أنفسهم ، مستخدما رجاحة العقل في النقاش ، بعيدًا كل البعد عن الدخول في فلسفات نظرية أو جدل عقيم .

            وإذا كانت بعض الصحف والمواقع والأخبار تطالعنا بأن كثيرًا من الشباب الذين التحقوا بداعش وأخواتها وأولاد عمومتها من جند النصرة ، وبوكوحرام ، وأجناد الشام ، وأعداء بيت المقدس ، والقاعدة ، والإخوان ، والسلفية الجهادية ، ومن كان على شاكلة هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية ، يريدون الخروج من براثن هذه الجماعات والتنظيمات ، غير أنهم يخشون القتل والتنكيل وسوء العاقبة لهم أو لذويهم وأهليهم على أيدي عناصر هذه الجماعات المتطرفة إن هم فكروا مجرد تفكير في هذا الخروج ، فإننا لا بد أن نؤكد على أهمية الحماية والتحصين والتحذير والإنذار المبكر لأبنائنا وشبابنا من أن يقع أحد منهم في براثن أو مخالب هذه التنظيمات الإرهابية .

            وهذا يتطلب منا جميعا التوعية الدائمة دعويا وإعلاميا وثقافيا وفكريا بمخاطر هذه الجماعات ، واحترافها الكذب ، وخيانتها لدينها وأوطانها ، وعمالتها لأعداء الدين والوطن ، واستعدادها للتحالف حتى مع الشيطان في سبيل مصالحها المادية والنفعية والسلطوية .

         كما ينبغي أن نلاحظ سلوك أبنائنا حتى لا تتخطفهم تلك الأيدي الأثمة ، فعلى كل ولي أمر أن يراقب سلوك من حوله ممن يعنيه أمرهم ، سواء أكان أبناء ، أم إخوة ، أم ممن يمتون له بصلة أو رحم أو جوار أو صداقة أو قرابة ، فإذا وجدته يميل إلى الاجتماعات السرية  ، أو الانطواء ، أو الكذب ، أو أخذ الغموض يبدو على تحركاته ، فعليك أن تحسن مراقبته حتى تقف على حقيقة أمره ، وأن تنقذه من براثن الإرهاب قبل فوات الأوان إن كان قد انحرف إليه.

         والذي لا شك فيه أن هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها التنظيم الدولي للإخوان الإرهابيين  إنما تعمل ضد دينها وأوطانها ، ولو أن أعداء الإسلام بذلوا كل ما في وسعهم ، وسخروا كل إمكاناتهم لتشويه صورة الإسلام ، ما بلغوا معشار ما فعلته هذه الجماعات من تشويه لصورة الإسلام وحضارة الإسلام في الداخل والخارج.

         كما أن جيوش الأعداء لم تكن قادرة أن تفعل بأمتنا بعض ما فعله هؤلاء من تمزيق وتفتيت لكثير من كياناتها , لكنهم نجحوا في توظيف هؤلاء الهمج الرعاع في ارتكاب أعمال وحشية همجية كالذبح والحرق والتنكيل بالبشر، وأيدي هذه القوى العالمية في الظاهر منها براء , بل إنها صارت توجه أصابع الاتهام إلى ديننا وحضارتنا وثقافتنا العربية الإسلامية ، على أنها هي التي أفرزت هذه الظواهر الشاذة , مع أن أجهزة مخابراتهم وشياطين إنسهم وجنهم هم من دربوا هؤلاء الإرهابيين على القسوة والوحشية والهمجية والفجور ، مما لا يقره دين ولا إنسانية ولا عقل سليم ، فضلا عن ديننا العظيم دين الرحمة والتسامح والإنسانية.

           أضف إلى ذلك النموذج الهمجي الذي يرتد إلى عالم ما قبل التاريخ , الذي رأيناه في بيع الإرهابيين لبعض النساء العراقيات أو السوريات , وهو ما يدفع كل حر أبيّ أن يضحي ولو بنفسه وكل ما يملك في سبيل ألا يرى هذا اليوم , لأن هؤلاء المجرمين لا يرقبون في الناس إلا ولا ذمة.

             وليتخيل كل واحد منا أن هذه المرأة التي تباع – لا قدر الله – ابنته , أو أخته , أو زوجته , أو أمه , أو عمته , أو خالته , فماذا أنتم فاعلون أيها الأحرار اتقاء هذا اليوم ؟!

             إنه لا بديل أمامنا سوى العمل على الخلاص من كل قوى الإرهاب والشر والتطرف , سواء أكان إرهابًا مسلحًا ، أم إرهابًا فكريًا , مؤكدين أن كل هذا الإجرام مخالف لصريح نصوص الكتاب والسنة , ففي القتل والذبح والتنكيل بالبشر , نؤكد أن ديننا نهى عن المثلة ، وهي التمثيل بالميت بعد قتله ولو كان كلبًا عقورًا , و” أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تَدَعْهَا تُصِيبُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ ، وَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا حَتَّى مَاتَتْ ”  , على أن هذه المرأة لم تقتل الهرة , ولم تذبحها , ولم تحرقها , فقط هي غفلت عنها , فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض , وأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد نظر إلى الكعبة وقال : ” مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ “.

            أما العبودية والاسترقاق فقد عمل الإسلام على تخليص البشرية منهما , وتوعد بالوعيد الشديد من باع حرًا فأكل ثمنه , فقال (صلى الله عليه وسلم) : ” قَالَ اللَّهُ ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ “.

اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى