خلال ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية الدكتور/ أسامة فخري الجندي: إتقان العمل سبيل تقدم الأمم وبناء حضارتها الشيخ/ محمد السيد أبو هاشم: الإسلام لا يعرف التكاسل وعمارة الكون من أصوله
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية معالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 7/ 7 / 2020م ندوة للرأي تحت عنوان : ” إتقان العمل سبيل تقدم الأمم ” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها الدكتور/ أسامة فخري الجندي مدير عام التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، والشيخ / محمد السيد أبو هاشم إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها)، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمرو أحمد.
وفي بداية كلمته أكد الدكتور/ أسامة فخري الجندي بعمق موضوع الندوة ، مؤكدًا أن الإتقان يستدعي الإتمام ، والإحكام، والجودة ، والقوة ، والضبط، والإبداع ، والابتكار، والتميز ، وهو إتمام الشيء في حكمة ودقة وضبط حتى يخرج في أحسن صورة ، والأمم التي تريد تميّزًا وتريد أن تتقدم وترتقي هي التي يتحلى أبناؤها بهذا الخلق العظيم ، مشيرًا إلى عوامل إتقان العمل ، والتي منها :
1- النظام ،أي ترتيب الأولويات، فالإسلام لا يعرف العشوائية، ولكن يعرف التخطيط والترتيب، ولو أن كل إنسان استدعى قيمة الإتقان في عمله لكان أداةً في تقدم الأمم ورفعتها .
2- الانضباط، أي أن تكون منضبطًا بقانون العمل ، وهو فقه المراقبة، وتدرك أن هذا العمل أمانة .
3- التركيز على الأهداف ؛ وسيدنا زيد بن ثابت (رضي الله عنه) يعطينا أنموذجًا رائعًا في ذلك ؛ فقد كانت عنده طاقة في العلم ،فوجه النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الطموح في تعلم لغة غير لغة العرب ، فأتقن تعلم هذه اللغة في خمس عشرة ليلة.
كما بين النبي (صلى الله عليه وسلم) أن إتقان العمل عبادة فقال : ” إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته “، فكلمة “على” بمعنى “في” وذلك أن يحيط الإتقان بأي عمل تعمله ، كما أكد على أن الإتقان عمل يتعبد به لله تعالى، ويتقرب به إليه ، يقول سبحانه: ” وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” ، ويقول جل وعلا : ” وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ” ، والإتقان يكون في جميع الأعمال، ففي الصلاة يكون الإتقان بإقامتها على أحسن وجه ، وفي الوضوء بإتمامه ؛ قال (صلى الله عليه وسلم) : ” منْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوضوءَ، خَرَجَت خَطَايَاهُ مِنْ جسَدِهِ حتَّى تَخْرُجَ مِنْ تحتِ أَظفارِهِ”، كما يكون الإتقان أيضًا في المعاملات ، ولا يمكن أن نختزل الإتقان في جانب بعينه ونهمل بقية المجالات ، فالأصل أن يستثمر كل إنسان طاقته في إنجاز الأعمال المسندة إليه ، فإن قصر فهذه خيانة للأمانة ، والإتقان يكون في كل شيء في حياة الإنسان، كما يكون الإتقان كذلك في الفنون ، وفي العلوم ، وفي بناء الأجيال ، ليكونوا أداة حقيقية في بناء الأمم .
وفي ختام كلمته بين أن عدم الإتقان يؤدي إلى القبح والفساد في الكون ، والأمة المسلمة صانعة الحضارة ، قدمت لنا تاريخًا مضيئًا في صنع الحضارة ، والمسلم دائما يستثمر وقته وليس مستهلكا له.
وفي بداية كلمته أشار الشيخ / محمد السيد أبو هاشم إلى أن خلاصة الشريعة الإسلامية تدور حول محاور ثلاث : عبادة الله (عز وجل ) ، وبناء الإنسان ، وعمارة الكون ، لذا أمر الإسلام بالعمل ، يقول تعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا” ، فالعمل سواء أكان دنيويًا أم دينيًا فهو عبادة من العبادات، فالتاجر في تجارته ، والطبيب في عيادته، والجندي في حراسته ، والصانع في مصنعه ، والتلميذ في مدرسته ، جميعهم في عبادة لله تعالى ، يقول سبحانه :” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” ، فالعمل ضرب من ضروب العبادة ، يقول سبحانه : ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يعملون” ، كما أشار إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صحح الصورة الذهنية لأصحابه عن الجهاد ، وبين أن السعي على الرزق مع النية الطيبة هو في سبيل الله، كما أرسى الرّسول ( صلّى الله عليه وسلّم ) قواعد العمل؛ إذ كلّ عمل مهما كان حجمه إنّما يكتسب قيمته من دوافعه وبواعثه وغاياته ، وقد روى الإمام الطبراني أنّ رجلًا مَرَّ على النَّبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) فرأَى أصحابُ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) من جلَدِه ونشاطِه ، فقالوا : يا رسولَ اللهِ، لو كان هذا في سبيلِ اللهِ! فقال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) : ” إن كان خرج يسعَى على ولدِه صِغارًا فهو في سبيلِ اللهِ، وإن كان خرج يسعَى على أبوَيْن شيخَيْن كبيرَيْن فهو في سبيلِ اللهِ ، وإن كان خرج يسعَى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيلِ اللهِ ، وإن كان خرج يسعَى رياءً ومُفاخَرةً فهو في سبيلِ الشَّيطانِ” ، وحثنا على إتقان العمل فقال (صلى الله عليه وسلم) ” إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ” ؛ لأن إتقان العمل يؤدي إلى محبة الله تعالى، وإلى السعادة، ويساعد في رقي الأمم وتقدمها .
كما أكد أن الإسلام لا يعرف التكاسل، فلا يكون المسلم متكاسلًا، بل عليه أن يكون وحدة إنتاجية؛ كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): ” إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا” ، فكل عشوائية هي سبب للانهيار أو التخلف ، وعلى العكس كل نظام هو سبب للرقي والتقدم .