:أوقاف أونلاينمقالات

التوظيف السياسي للكذب والشائعات

Mokhtar

أ.د/ محمد مختار جمعة

وزير الأوقاف

            الكذب هو الكذب ، ليس فيه أبيض وأسود ، وهو علامة من علامات النفاق ، بل هو أول وأبرز علاماته ، يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ  ” (البخاري) ، ويقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ  ” (مسلم) .

           والكذب من أكبر النقائص التي تلحق بصاحبها الخسّة في الدنيا والهلاك في الآخرة ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ” (البخاري)  ، وقال (صلى الله عليه وسلم ) : ” يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، إِلا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ” (البيهقي) .

           لذا ينبغي على كل مسلم أن يتحلى بالصدق مع الله ، والصدق مع نفسه ، والصدق مع الناس ، يقول الحق سبحانه وتعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين  ” (التوبة : 119) ، ويقول سبحانه : ” إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ” (الأحزاب : 35) .

          وهناك أمر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالكذب ، وبخاصة الكذب الموظف سياسيًا لخدمة أهداف أو أغراض حزبية أو شخصية عند من يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة ، وبخاصة من يستبيحون دماء خصومهم  أو أموالهم ، فإن من يستبيح دم الخصم وماله لا يمكن أن يستحيي من الكذب عليه ، بل إنه قد يوهم نفسه ومن يسير في ركابه بأن المصلحة و الحكمة تقتضيان هذا الكذب الذي يحاولون تجميله بمسميات متعددة ، غير أن الكذب هو الكذب حتى لو سميته صدقًا ، هذا الأمر المرتبط بالكذب هو إثارة الشائعات والعمل إلى خداع العامة ، والبسطاء ، وإلباس الباطل ثياب الحق .

          على أن هذه الشائعات أشد خطورة من الكذب ، فهي كذب  ممنهج ، وكذب متعمد تنشره ، أو تساعد في انتشاره وتوظيفه لصالح مصالح حزبية ، أو فئوية ، أو شخصية .

            وقد نهانا ديننا الحنيف عن الاستماع إلى الشائعات ، ودعانا إلى التثبّت وإعمال العقل ، فقال الحق سبحانه: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ” (الحجرات : 6) ، ويقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكلِّ ما سمع ” (مسلم) ، ويقول الحق سبحانه : ” إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ” (النور : 15) ، ويقول سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ” (النور : 19) .

            فالعاقل من يتريث ، ويمسك لسانه عن الكذب وإطلاق الشائعات ، ويحلل الكلام الذي يسمعه ، ويحذر من إطلاق الكلام دون عقل أو رويّة ، وهو  ما حذر منه نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) حيث يقول : ” وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّه تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم ” (البخاري) ، فإذا كان ذلك لمن يتكلم بالكلمة دون تفكير في عواقبها ، فما بالكم بمن يعمد إلى الكذب والعمل على إشاعة الفتنة في المجتمع ؟

            ولا شك أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة والتي تتخذ من الدين ستارًا للوصول إلى السلطة ،   تتخذ من الكذب وإثارة الشائعات منهجًا ومسلكًا ثابتًا ، لتغطي مطامعها السلطوية بإظهار أنها تخوض معتركًا دينيًا شريفًا كذبًا وادعاءً وافتراءً .

           وقد نال وزارة الأوقاف المصرية قسط وافر من الشائعات والأكاذيب التي أطلقها أصحاب المطامع والمنافع والمكاسب الدنيوية ، فأطلقوا كذبًا وافتراءً أن الوزارة منعت الاعتكاف ولم يحدث ، وأطلقوا أنها أصدرت تعليمات بإزالة الملصقات الدينية من المساجد ولم يحدث ، وأطلقوا أنها حددت وقت صلاة العشاء والتراويح معًا بخمس وأربعين دقيقة ولم يحدث ، وأنها أغلقت الزوايا أمام المصلين في التراويح               ولم يحدث ، وأنها منعت الدعاء على الظالمين ولم يحدث .

          وقد أكدنا ومازلنا نؤكد أنه لا يوجد من يمثل الوزارة أو يتحدث باسمها إلا ما يُنشَر عبر موقعها الرسمي، وكل عام والشعب المصري كله بخير ، والعالم كله في سلام وآمان .

اظهر المزيد

منشور حديثّا

شاهد أيضًا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى