خلال ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية
الشيخ / أحمد دسوقي مكي :
الرضا بقضاء الله (عز وجل)
وتفويض الأمر إليه من أخلاق الأنبياء
د/ عيد علي خليفة :
المحن والابتلاءات تواجه بالصبر
والرضا والأخذ بالأسباب
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية معالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 17 / 6 / 2020م ندوة للرأي تحت عنوان : ” أدبُ المِحَن” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها والشيخ/ أحمد دسوقي مكي مدير إدارة النشر بديوان عام وزارة الأوقاف ، والدكتور/ عيد علي خليفة إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب .
وفي كلمته أكد الشيخ/ أحمد دسوقي مكي أن هناك آدابًا يجب التحلي بها عند نزول المحن: منها الاستعداد للأمر قبل نزوله , وأن يوطن العبد نفسه أنه في هذه الدنيا في امتحان وابتلاء قال تعالى: “وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”، وقال سبحانه: “لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ”، وأن الأصل في هذه الحياة هو الابتلاء قال تعالى : “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ”.
ثم إن الرضا بقضاء الله (عز وجل) وتفويض الأمر إليه من أعلى مقامات الأخلاق، وهذا هو دأب الأنبياء (عليهم السلام)، ولنا في خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام) أسوة حسنة، فعندما ألقي في النار لم يجزع، وإنما سلم الأمر لله، فلم يطلب العون من أحد غير الله، قائلا: ” حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ”، فوصل لمرحلة أعلى من الصبر، مرحلة الرضا بقضاء الله وثقته به أنه لن يضيعه.
وفي ختام كلمته أشار إلى أن عدم الصبر والرضا بقضاء الله يجلب غضب الله وعذابه، ويكون سببًا في عدم تنزل رحمات الله على العبد كما قال تعالى: “وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ”.
وفي كلمته أكد د/ عيد علي خليفة أن الحياة لا تخلو من المحن والمنغصات، والإنسان فيها ما بين يسر وعسر، قال الله (عز وجل): “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ”، ولله در من قال :
ثمانيةٌ تجري على الناس كُلِّهم ولابد للإنسان يلقى الثمانية
سرور وحزن واجتماع وفرقة وعسر ويسر ثم سقم وعافية
مضيفاً أنه يجب على الإنسان أن يواجه المحن والابتلاءات بالصبر والرضا والأخذ بالأسباب ، فقد علمنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الصبر إنما يكون عند الصدمة الأولى، فقد مر النبي (صلى الله عليه وسلم) بامرأة تبكي عند قبر، فَقَالَ: “اتَّقِي اللهَ، وَاصْبِرِي قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، – وَلَمْ تَعْرِفْهُ (صلى الله عليه وسلم) -، فَقِيلَ لَهَا : إِنَّهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ)، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ)، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ : لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى” , على أن الرضا الحقيقي لا يتنافى مع الأخذ بالأسباب , إنما يتطلب الأخذ بالأسباب .
كما أكد أن كثرة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) تزيل المحن والهموم , وتغفر الذنوب , فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (رضي الله عنه) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ قَالَ : قُلْت : الرُبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ: النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ : قُلْتُ : فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ : أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ.
وفي ختام كلمته بين أن هناك آدابًا للتعامل مع المحن والابتلاءات أشار إليها القرآن الكريم، من ذلك ما حدث في زمن نبي الله يوسف (عليه السلام)، عندما حدث في مصر قحط ونقص في الثمرات والطعام وهو ما عبر عنه القرآن الكريم في رؤيا الملك ,وتأويل نبي الله يوسف ( عليه السلام) للرؤيا ، قال تعالى : “قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ”، فلابد في وقت المحن والابتلاءات من سؤال أهل الذكر في كل مجال ؛ للعبور بالوطن إلى بر الأمان.