خلال ندوة للرأي بقناة النيل الثقافية د/ محمد طه رمضان: الابتلاء سنة من سنن الله الكونية أهل الذكر في الطب هم الأطباء المتخصصون ويجب العمل بتوجيهاتهم د/ محمد إبراهيم يوسف: الابتلاء تذكير بنعم الله تعالى على العباد حتى يؤدوا شكرها وعلى الإنسان أن يلجأ ويتضرع بالدعاء إلى الله تعالى
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، وبرعاية معالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 9/ 6/ 2020م ندوة للرأي تحت عنوان : ” أسباب رفع البلاء” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها كل من : الدكتور/ محمد طه رمضان إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) ، والدكتور/ محمد إبراهيم يوسف إمام وخطيب مسجد مولانا الإمام الحسين (رضي الله عنه)، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمرو أحمد .
وفي كلمته أكد فضيلة الدكتور/ محمد طه رمضان إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) أن الابتلاء سنة من سنن الله (عز وجل) في كونه ، قال تعالى : “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ” ، ويقول سبحانه : ” الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ” , مشيرًا إلى ضرورة الصبر على الابتلاء، والرضا بقضاء الله (عز وجل) وقدره ، فعندما سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الإيمان قَالَ: “أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره”، ويقول الحق سبحانه وتعالى: ” وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ” ، مبينًا أن الابتلاء كما يكون بالشر يكون أيضًا بالخير , قال تعالى : “وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ” , مشيرًا إلى أن الجماعات المتطرفة تروج على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الابتلاء إنما هو عقاب من الله , موضحًا أن الابتلاء قد يكون لأسباب منها: تنقية الإنسان وغفران ذنوبه , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه” , وأن الحكمة من ابتلاء الله (عز وجل) لعباده هي تمييز الخبيث من الطيب , مبينًا أن الله (عز وجل) قد يبتلي الإنسان ليرجع ويتضرع إليه سبحانه, يقول تعالى : ” وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” .
ومن ناحية أخرى أكد فضيلته على ضرورة الأخذ بالإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء فيروس كورونا , وأن على المسلم أن يأخذ بالأسباب المشروعة وأن يحسن التوكل على الله (عز وجل) , وأن يلتزم بتعليمات أهل الاختصاص , يقول تعالى : “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” , والمراد بأهل الذكر هنا هم أهل الاختصاص لكل علم , وأهل الذكر عند الابتلاء بالأوبئة هم الأطباء , الذين يجب علينا اتباعهم .
وفي ختام كلمته أكد أن هذا الابتلاء من الله (عز وجل) ليطهرنا ونرجع إليه سبحانه, قال تعالى : ” فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا” , مشيرًا إلى أن الله (عز وجل) يقول عن سيدنا يونس (عليه السلام) عندما التقمه الحوت : ” فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ” , ويقول الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه) : ” عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع : عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله (عز وجل) : ” حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ” فإني سمعت الله جل جلاله يقول بعقبها : ” فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ “, وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله (عز وجل) : ” لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ” فإني سمعت الله (عز وجل) يقول بعقبها : ” فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ” , وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: ” وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” فإني سمعت الله تعالى يقول بعقبها : ” فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ “, وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تبارك وتعالى : ” مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ” فإني سمعت الله عز اسمه يقول بعقبها : ” إِن ترن أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ “.
وفي كلمته أكد فضيلة الدكتور / محمد إبراهيم يوسف إمام وخطيب مسجد مولانا الإمام الحسين (رضي الله عنه) أن الابتلاء ليس انتقامًا من الله (عز وجل) كما ينظر إليه البعض ، أو أن الله تعالى يريد أن يعذب عباده , فهذا يأس وإحباط نهانا الله (عز وجل) عنه , يقول تعالى: ” وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ”, وإنما ينزل الله (عز وجل) البلاء بعباده اختبارًا وتمحيصًا ليتبين قويهم من ضعيفهم , يقول تعالى : ” أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ” , ويقول سبحانه : ” أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ” , فينبغي على المسلم أن يفر ويلجأ إلى الله تعالى ويتضرع بالدعاء , وأن يكون رجوعه رجوعًا حقيقيًّا إلى الله (عز وجل) , حتى لا يكون حاله كما وصف الله حال البعض في كتابه :” وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ ” .
كما بين أن في هذا الابتلاء تذكيرًا بنعم الله (عز وجل) على عباده التي قد يغفل عنها الكثير , فلقد أنعم الله على خلقه بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى , يقول تعالى : ” وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ” , ولكن الإنسان ربما يغفل عن تأدية شكر هذه النعم , يقول سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) : “اتقوا سكرات النعمة واحذروا بوائق النقمة” , مشيرًا إلى أن الله (عز وجل) بهذه الابتلاءات يريد منا أن نغير أحوالنا من الحال السيئة إلى الحسنة , ومن الحال الحسنة إلى الأحسن , ومن الأخلاق والسلوكيات الغير منضبطة إلى السلوكيات الفضلى , يقول تعالى : ” وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى” , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلاَّ نَدِمَ ” . قَالُوا: وَمَا نَدَامَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ (صلى الله عليه وسلم):” إِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَدِمَ أَنْ لاَ يَكُونَ ازْدَادَ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا نَدِمَ أَنْ لاَ يَكُونَ نَزَعَ”.
وفي ختام كلمته بين أن البلاء لا يزول إلا بالإيمان والتسليم بقضاء الله وقدره ، مع التوكل على الله تعالى , والأخذ بأقصى الأسباب , والإلحاح في الدعاء والإخلاص فيه لله (عز وجل) , يقول تعالى : “وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ” ويقول عن قوم سيدنا يونس (عليه السلام) : ” فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ”.