خواطر رمضانية …. الخاطرة الثانية والعشرون : ” في رحاب العشر الأواخر “
تصف السيدة عائشة (رضي الله عنها) حال نبينا (صلى الله عليه وسلم) في العشر الأواخر فتقول : كان إذا دخل العشر أحيا (صلى الله عليه وسلم) الليل وأيقظ أهله وشد مئزره . ومن فضائل هذه العشر أن فيها ليلة القدر ، تلك الليلة المباركة التي يقول عنها الحق سبحانه وتعالى : ” حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ” ، وهي ليلة خير من ألف شهر حيث يقول الحق سبحانه ” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ” .ويستحب في العشر الأواخر الإحسان إلى ذوي الأرحام ، وإلى الجيران وإلى الفقراء والمساكين والمحتاجين ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): ” الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صدقةٌ وصِلَةٌ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” أفضل الصدقة , الصدقة على ذي الرحم الكاشح ” أي المبغض ، ذلك لأنها قد تتألفه وتزيل ما في نفسه .فعلى كل عاقل أن يجتهد ألا يمر ما بقي من هذا الشهر الكريم وله رحم مقطوعة ، فإن أعمال العباد ترفع إلى الله (عز وجل) ليلة الجمعة فلا يرفع منها عمل قاطع رحم ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) ” إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ ” . وفي هذه الأيام يتأكد إخراج زكاة الفطر ، يقول سيدنا عبد الله بن عباس (رضى الله عنهما): فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم ” .
ومن العادات الجميلة التي نشأنا عليها هو تواصل الناس وتراحمهم ، وإنهاء ما كان بين بعضهم وبعض من خصومات ، إذ كان الناس يستحون أن يدخل عليهم شهر رمضان وبينهم خصومات، فإن فاتهم ذلك في أول رمضان لم يفتهم قبيل العيد ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ “, فلنبادر بذلك , ولنكن سباقين في كل أعمال الخير في هذه الأيام المباركة.
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف