في ملتقى الفكر الإسلامي
دكتور/ على الله الجمال: إغناء الفقراء والمساكين من أفضل الأعمال في أيام العشر الشيخ/ أحمد مكي : الاجتهاد في العبادة والطاعة في هذه الأيام المباركة أرجى أبواب القبول عند الله (عز وجل)
برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أقيمت مساء يوم الأربعاء 13 / 5 / 2020م الحلقة العشرين لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان: ” فضل العشر الأواخر من رمضان “، وحاضر فيها كل من : د/ على الله شحاتة الجمال إمام وخطيب بوزارة الأوقاف ، والشيخ/ أحمد دسوقي مكي إمام وخطيب بوزارة الأوقاف ، وقدم للملتقى الإعلامي أ / تامر عقل المذيع بقناة النيل الثقافية .
وفي كلمته أكد فضيلة الدكتور/ على الله شحاتة الجمال أنه إذا كان شهر رمضان تتجسد فيه معاني الرحمة والرأفة بالفقراء والمساكين ، واليتامى والمحتاجين ، والعملِ على إطعام الجائعين ، وإفطار الصائمين ، فإن أيام العشر الأواخر منه أيام عظيمة امتن الله تعالى بها على عباده بأن أعطاها نفحات ربانية ، حيث تتضاعف فيها الحسنات ، ويعظم فيها الأجر والثواب، ويغفر الله تعالى فيها الذنوب والسيئات ، وقد حثَّنا ديننا الحنيف على البذل والعطاء في سبيل إسعاد الآخرين ، وإدخال السرور على قلوبهم ومساعدتهم ، يقول نبينا (صلّى الله عليه وسلم) حين سئل : أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّه ِ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ … وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ).
وقد جعل الله تبارك وتعالى في هذه العشر المباركة ليلة من أعظم الليالي وأفضلها وهي ليلة القدر ، اختص الله (عز وجل) بها الأمة المحمدية عن سائر الأمم إكراما منه سبحانه وتعالى لأمة حبيبه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حتى تكثر حسناتها ، وترتفع درجاتها، فعبادتها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، فعن مُجَاهِدٍ (رضي الله عنه) أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَلْفَ شَهْرٍ ، قَالَ: فَعَجِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ }، فعبادة هذه الليلة بإخلاص تفوق حمل السلاح ألف شهر في سبيل الله ، ومن ثم فعلى المســلـم أن يحـرص على إحياء هذه الليلة العظيمة، ويستثمرها في طاعة الله (عز وجل) ، مبينا أن الله (عز وجل) قد أخفى ليلة القدر ، ولم يحددهـا بليلة محددة ، ليجتهـد العبـاد في طلبها والتماسها ، لعل العبد أن يصيبها ، بخلاف ما لو عينت وعلمها الناس لاقتصروا عليها في العبادة دون غيرها ، ولهذا كان من سُنة النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) الاجتهاد في العبادة والطاعة في تلك العشر ، وبذل الوسع في تحري تلك الليلة الفاضلة – ليلة القدر – التي هي خيرٌ من ألف شهر .
وفي ختام كلمته أكد فضيلته على ضرورة اغتنام هذه الأيام المباركة بالذكر والدعاء ، وتلاوة القرآن ، وكل ما يقربنا إلى الله (عز وجل) ، حتى لا نكون من المحرومين من رحمات الله تعالى في هذه الليلة (ليلة القدر)، فإن الحرمان في هذه الليلة هو الحرمان الحقيقي، يقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (…لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ..).
وفي كلمته أكد فضيلة الشيخ/ أحمد دسوقي مكي أن الله (عز وجل) اختص شهر رمضان بخصائص عظيمة دون غيره من الشهور ، فهو شهر الصيام والقيام والقرآن ، وشهر الانتصارات ، شهر الجود والخيرات والبركات والنفحات ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله ، ولله (عز وجل) فيه عتقاء من النار وذلك في كل ليلة ، ومن أفضل أيام وليالي هذا الشهر العشر الأواخر التي فيها ليلة القدر ، والتي هي خير من ألف شهر ، موضحا أن الحق سبحانه وتعالى جعل العشر الأواخر من شهر رمضان فرصة للمحسن أن يتزود فيها من الخيرات ، وللمقصر أن يستدرك ما فات ، فهي أيام مليئة بالنفحات الإلهية والعطايا الربانية التي امتن الله (عز وجل) بها على عباده الأتقياء ، فحريٌّ بكلِّ مسلم أن يغتنم ليلها ، وأن يستثمر نهارها ، فهي موسم للطاعات والخيرات ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا; لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا)؛ لذا كان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يخص العشر الأواخر من رمضان بمزيد من العبادة والطاعة ، والإقبال على الله (عز وجل).
كما أشار فضيلته إلى أنه يجب علينا أن نقتدي بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام ، في إحيــاء العشـــر الأواخر من رمضـــان بالعبادة والطاعة ، في قيام الليل ، والذكر ، والاستغفار ، وقراءة القرآن ومدارسته ، والصدقات ، وفعل الخيرات ، والسعي في قضاء حوائج الناس ، والتعاون على البرّ والتقوى … وغير ذلك من أعمال الخير والصلة ، فقد كان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من الأيام ، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت : (كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا دخل العشرُ شدَّ مئزرَه ، وأحيَا ليله ، وأيقظَ أهلَه) ، ومعنى شد المئزر : أي اجتهد في العبادة وبذل وسعه فيها ، وقيل : كناية عن اعتزال النساء ، وفي رواية قالت : ” كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجتهدُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ ما لا يجتهدُ في غيرِه “.
وفي ختام كلمته أكد فضيلته أنه إذا كان الدعاء في شهر رمضان مستحبًّا فهو في العشر الأواخر منه أشدُّ استحبابًا ، لعله يقع في ليلة القدر ، فعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: ” قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى” ، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام ، وأن يبلغنا ليلة القدر وأن يجعلنا من عتقائه من النار ومن المقبولين.