في ملتقى الفكر الإسلامي
د/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:الإسلام قدم منظومة فريدة لإصلاح الفرد والمجتمعقرارات الأوقاف بشأن تعليق الجمع والجماعات اتسقت مع مقاصد الشريعة الإسلامية د/ أسامة فخري مدير عام التحرير والنشر بالمجلس الأعلى:الدين الإسلامي دين مكارم الأخلاق ومحاسنهاوالقيم الإسلامية تهدف إلى تحقيق مصالح الإنسانالتعاون والتكافل والتراحم من مقاصد الشريعة الإسلامية
برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أقيمت مساء يوم الثلاثاء 12 / 5 / 2020م الحلقة التاسعة عشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان : ” منظومة القيم الإسلامية والإنسانية وواجب المرحلة”، وحاضر فيها كل من : د/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، والدكتور/ أسامة فخري مدير عام التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وقدم للملتقى الإعلامي أ / عمر حرب المذيع بقناة النيل الثقافية .
وفي كلمته أكد الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن الإسلام دين التحلي بمكارم الأخلاق ، قدم منظومة قيمية فريدة لإصلاح الفرد والمجتمع ، حيث دعانا القرآن الكريم في كثير من آياته إلى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات ، ومن ذلك قوله سبحانه – آمرًا رسوله (صلى الله عليه وسلم)-:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وقوله تعالى:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}، وقوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاس وَمَنْ يَفْــعَـلْ ذَلِكَ ابْتِغَــاءَ مَرْضَـاتِ اللَّهِ فَسَــوْفَ نُؤْتِيــهِ أَجْـــرًا عَظِيمًا} ، مشيرا إلى أننا في ظل هذه الظروف التي يعيشها العالم الإسلامي، بل والعالم أجمع يجب علينا أن نتمسك بالقيم الإسلامية الرفيعة التي جاء نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) ليتممها ، حيث لخص الغاية من بعثته (صلى الله عليه وسلم) فقال : ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ، فرسالته (صلى الله عليه وسلم) جاءت لإصلاح الإنسان ، بحيث يتكون مجتمع تسوده القيم والأخلاق الراقية من المحبة والإخاء والرفق والتراحم والإحسان والتي من شأنها أن تعمر الحياة ، وهذه القيم التي جاء بها نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) هي التي أوجدت مجتمعا إسلاميا زاهرا في عصور الحضارة الإسلامية الزاهرة ، فالمجتمع الذي تسوده القيم والأخلاق تزدهر طاقاته الفكرية والروحية والتي تنعكس على طاقاته الجسدية فيبني ويشيد ويبتكر وتسود بين أفراده روح المحبة والإخاء والتسامح .
كما أشار سيادته إلى أن الإسلام قدَّم منظومة قيمية فريدة لإصلاح الفرد والمجتمع ، وسبق العالم كله إلى منهجية الحجر الصحي ومواجهة الأوبئة ، وواجب المرحلة يحتم على الجميع الالتزام التام بالتعليمات ، ومواجهة الشائعات ، والتكافل الاجتماعي ، وترشيد الاستهلاك ، وأن نكون جميعا على قلب رجل واحد ، مؤكدا أن قرارات الأوقاف اتسقت مع مقاصد الشريعة الإسلامية والعلم الحديث ، ومع تعليمات منظمة الصحة العالمية ، فخرجت من رحم صحيح الدين للمحافظة على حياة المصريين.
وفي ختام كلمته أكد سيادته أننا في ظل هذه الظروف العصيبة والمرحلة الراهنة يجب علينا أن نتكاتف بأن نلتزم بتعليمات الوقاية من العزل المنزلي والابتعاد عن المخالطة وأخذ كل الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار تلك الجائحة ، وأن لا نتناقل الشائعات والأخبار غير الرسمية أو المشكوك في صحتها ، فهذا ضرب ممقوت من الحديث الكاذب الذي يهدم المجتمعات ، والنبي (صلى الله عليه وسلم ) سأله عُقبةُ بنُ عامرٍ (رضِيَ اللهُ عَنه) فقال: ” يا رسولَ اللهِ ، ما النَّجاةُ؟ قال: أمسِكْ عليْكَ لسانَكَ ، وليسعْكَ بيتُكَ، وابْكِ على خطيئتِكَ ” ، مشيرا إلى أن هذه المحنة تُعلمنا دروسا كثيرة ، منها: أن نحترم أقدار الله (عز وجل) في الكون وفي الخلق وفي الحياة ، وأن الله على كل شيء قدير ، وأن النجاة في الالتزام بشرع الله تعالى ، مشيرا إلى بعض الأفعال المقيتة التي يجب أن نحذرها في ظل هذه الظروف التي نمر بها ، ومنها : التبذير سواء أكان في المأكل أم المشرب أم في استخدام المرافق العامة ، فيجب أن نتكاتف في بذل الخير والإحسان إلى المحتاجين والمتضررين من هذه الجائحة .
كما أكد سيادته أن مصر محفوظة بحفظ الله لها ، وقد ضربت الدولة المصرية بقيادتها الحكيمة أروع الأمثلة في الحفاظ على المصريين من جائحة كورونا ، وعلى الجماهير أن تلتزم بالتعليمات حتى نصل جميعا إلى بر الأمان.
وفي كلمته أكد فضيلة الدكتور/ أسامة فخري مدير عام التحرير والنشر بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن الدين الإسلامي دين مكارم الأخلاق ومحاسنها ، ولم يأت بتعاليمه ليكون مجرد عظات ورقائق تسمو بروحانيات الناس في علاقتهم بالله (عز وجل) فحسب ، بل جاء أيضًا لينظم علاقات الخلق بعضهم ببعض ، حتى يسود التفاهم والألفة والمحبة في المجتمع ، فينعم الجميع بالسعادة في الدنيا والآخرة ، ومن هنا فقد جعل الله (عز وجل) خيرَنا أنفعنا لخلقه في الدنيا والآخرة، وجعل خيرَ أعمالنا الأمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ، من أجل ذلك أنزل الله (عز وجل) القِيَمَ التي تحفظُ للإنسانِ معنويات حياته ، وجعل من أهم مبادئ نظامه الاجتماعي: أن يحرص كلُّ فردٍ على مصلحة غيره ، حرصه على مصلحته، وأن يحب للآخرين الخير الذي يحبه لنفسه، ويتجلى ذلك فيما يقوم به كل فرد من عمل يحمل تعاونًا وتكافلًا وتراحمًا ومساعدةً في شتى المجالات يخدم بها نفسه وأهله وأمته ووطنه .
كما أشار فضيلته إلى أهمية مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان، فهناك العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد هذا المعنى الراقي، يقول الله تعالى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }، كما دعا إلى استباق الخيرات ، يقول تعالى: { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وبجانب دعوة الإسلام للتعاون والتكافل والتراحم ، فإنه يؤكد على أن هذه القيم هي سبيلٌ رئيسٌ للجمع بين الجزاء الدنيوي والأخروي ، يقول تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} .
كما أكد فضيلته أنه لابد من الشعور بالآخر ، والسؤال عنه ، لابد من التكامل فيما بيننا ، لابد من غرس القيم الإنسانية المشتركة بين أبناء الوطن الواحد ، حيث شبّه النبي (صلى الله عليه وسلم) المؤمنين في اتحادهم وتعاونهم بالجسد الواحد ، فقال : “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ” ، مشيرا إلى أن القيم الأخلاقية تهدف إلى أن تكون كلُّ الطاقات والقدرات والإمكانات الإنسانية في المجتمع مرتبطة متلاقية في المحافظة على الأفراد وتعمل على تحقيق مصالحهم ، ومن صور الإنسانية : إعانة الضعيف والفقير والمحتاج والمريض ، والتأكيد على مفهوم الجسد الواحد .
وفي ختام كلمته أكد فضيلته أن واجب الوقت الآن ، وبناء على مبدأ التكافل الاجتماعي بكل صوره وأشكاله: إخراج الزكاة قبل موعدها ؛ رعاية للمصلحة العامة ، ولا سيما في أوقات الأزمات والجوائح التي يكون الناس فيها أحوج إلى التعاون والتكافل ؛ حيث مساعدة المحتاجين ممن يتكسبون أرزاقهم يومًا بيوم ، وكذلك مساعدة المرضى والمستشفيات بالأدوات التي يحتاجونها من أجهزة تنفس ومستلزمات طبية ، فلا شك أن هذا الأمر في هذه الأيام التي اجتاح فيها وباء كورونا “كوفيد -19” العالم ، هو من أعلى مقاصد الشريعة .