خواطر رمضانية .. الخاطرة التاسعة عشرة .. قيام الليل في زمن النوازل
إذا كان قيام الليل محمودًا على كل حال فإنه أعظم أجرًا وثوابًا في هذا الشهر العظيم شهر رمضان ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (صحيح البخاري) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ “(صحيح البخاري) ، فالمؤمن الحقيقي تعلو همته في قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان اقتداءً بسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أيقظ أهله ، وأحيا ليله ، وجدَّ ، وشد مئزره ، اجتهادًا منه (صلى الله عليه وسلم) في العبادة في هذا الشهر الكريم وتلك الأيام المباركة.
وإذا كان قيام الليل مطلوبًا على كل حال قربة إلى الله تعالى وتضرعًا إليه ، يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ” أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ” (الزمر : 9) ، ويقول سبحانه : “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (السجدة : 16 ، 17) ، فإننا أحوج ما نكون إليه في زمن الجوائح والشدائد قربة وتضرعًا إلى الله (عز وجل) ، ورجاء في عميم فضله أن يرفع البلاء عن البلاد والعباد .
وليس لأحد أن يتعلل بتعليق صلاة الجماعة في التراويح أو غيرها ، فقيام الليل لا يشترط أن يكون في المسجد , فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب صلاة النافلة في البيت ، وأفرد الإمام مسلم في صحيحه في كتاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا بابًا لاستحباب صلاة النافلة في البيت ، تحت عنوان : “باب استحباب النافلة في بيته وجوازها في المسجد”.
وعلينا أن نتأمل في فقه العنوان الذي أضفى صفة الاستحباب على صلاة النافلة في البيت وصفة الجواز على صلاتها في المسجد ، وذلك لقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن سيدنا زيد بن ثابت (رضي الله عنه) ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ” فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ “، والحديث في أعلى درجات الصحة.
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف