خلال حلقات برنامج: “في رحاب القرآن الكريم” وزير الأوقاف: شهر رمضان شهر إجابة الدعاء
ومن عوامل إجابة الدعاء التبرك بالصلاة والسلام على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وطيب المطعم
في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة وإظهار الصورة المشرقة للفكر الإسلامي الصحيح، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره ، أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف – خلال برنامج : ”في رحاب القرآن الكريم” بعنوان : ”الدعاء في القرآن الكريم” يوم الجمعة ١٥ رمضان ١٤٤١هـ ، الموافق ٨/ ٥/ ٢٠٢٠ م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وقناة النيل الثقافية ، وقناة نايل لايف – أن القرآن الكريم تحدث عن أهمية الدعاء، وبخاصة في هذا الشهر العظيم ، شهر رمضان الفضيل ، وشهر إجابة الدعاء ، والحديث عن الدعاء في القرآن الكريم جاء في أثناء الحديث عن آيات الصيام ، يقول سبحانه وتعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” ، ويقول جل وعلا : ”وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” ، فرب العزة سبحانه يدعوك لدعائه ، قال بعض المفسرين: المقصود بالعبادة الدعاء ، وذلك في قوله تعالى :” إن الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”، يستكبرون عن عبادتي أي عن دعائي ، قال نبينا (صلى الله عليه وسلم): الدعاء مخ العبادة ، قال الشاعر :
لا تسألن بُنيَّ آدم حاجةً
و سل الذي أبوابه لا تُحجبُ
الله يغضبُ إن تركت سؤاله
و بُنَيَّ آدم حينَ يُسألُ يغضبُ
مضيفًا معاليه أن الإنسان قد يسأل أحدًا من البشر شيئًا ولا يكون مالكًا للشيء المسئول عنه ، فالملك الحقيقي لله تعالى ، فإذا سألت فاسأل الله تعالى ، وإذا استعنت فاستعن بالله تعالى ، لذا قالوا : من اعتمد على ماله قل ، ومن اعتمد على علمه ضل ، ومن اعتمد على سلطانه ذل ، ومن اعتمد على الناس مل ، ومن اعتمد على عقله اختل ، ومن اعتمد على الله تعالى فلا قل ولا ضل ولا ذل ولا مل ولا اختل ، يقول سبحانه : “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ” ، مبينًا معاليه روعة ودقة هذا التعبير القرآني من خلال التعبير المماثل في القرآن الكريم ، حيث يقول تعالى : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ” ، ويقول سبحانه : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا” ، ويقول جل وعلا : “وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ” ، ويقول تعالى: ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ “، ويقول تبارك وتعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ” ، ويقول سبحانه : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ” ، ويقول تعالى: “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ” ، ويقول سبحانه : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ” ، ويقول الحق سبحانه : “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ” ، ويقول جل وعلا : ” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ “، ويقول سبحانه : “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا” ، حيث جاء التعبير بالفاء” فَقُلْ” في سورة طه ، وفي كل الأسئلة “قل” ، قال بعض العلماء : لأن السؤال قد وقع في كل المواطن ما عدا موضع طه ، فالسؤال لم يقع بعد ، فإذا سألوك “فقل” ، فالفاء واقعة في جواب شرط مقدر ، أما في آية الدعاء فلم يرد فيها “قل” أو “فقل” ، فكأن الله تعالى يقول لحبيبنا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) إذا سألك عبادي عني فإني قريب ، فأنا أخبرهم بنفسي عن ذاتي ، “فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” .
كما ذكر معاليه أن دعاء المسلم مستجاب، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عنهُ من السُّوءِ مثلَها “, فقالوا يا رسول الله إذًا نكثر ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : “الله أكثر “، أي ما عند الله أعظم ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) :” إن الله حييٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفعَ الرجلُ إليه يديه أن يرُدَّهما صِفْرًا خائبتين “، وليس شرطا أن تكون الإجابة بعين الدعوة ، بل لا شك أن نعم الله في الإجابة واسعة ، إما بإجابة دعوة الداعي ، أو أن يدفع عنه من السوء مثلها ، أو أن يدخرها له يوم القيامة ، وسمع نبينا (صلى الله عليه وسلم) رجلًا يدعو يقول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ”، فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأعظم الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ” ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ” إن لله (عز وجل) ملكًا موكلا بمن يقول: يا أرحم الراحمين ، فمن قالها ثلاثًا قال الملك : إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فاسأل ” ، موضحًا معاليه أن من عوامل إجابة الدعاء: التبرك ببدء الدعاء بالصلاة والسلام على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وختام الدعاء بمثل ذلك فإن الله (عز وجل) أكرم من أن يقبل الصلاتين على الحبيب( صلى الله عليه وسلم )ويردّ ما بينهما ، إضافة إلى طيب المطعم ، وصدق اللجوء إلى الله تعالى.