*:*الأخبارأخبار الأوقاف2

خلال حلقات برنامج : ” في رحاب القرآن الكريم ” وزير الأوقاف :
ديننا الحنيف أعلى من شأن العلم والعلماء
والعلم النافع كل ما ينفع البشرية ويؤدي إلى تقدمها وأهل الذكر هم أهل الاختصاص في كل شيء

 في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة وإظهار الصورة المشرقة للفكر الإسلامي الصحيح ، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره ، أكد معالي أ. د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف – خلال برنامج : ”في رحاب القرآن الكريم” بعنوان : ” العلم النافع” يوم الاثنين ١١ رمضان ١٤٤١هـ ، الموافق ٤/ ٥/ ٢٠٢٠ م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وقناة النيل الثقافية ، وقناة نايل لايف – أن ديننا الحنيف قد أعلى من شأن العلم والعلماء ، يقول تعالى: ” قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ” ، ويقول سبحانه : “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” ، ويقول جل وعلا : ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” ، ويقول تعالى : “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة “، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ : عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا ، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً ، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ ، يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا ، فَهوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَلاَ يَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا ، فَهُوَ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ”.
كما أبرز معاليه أن العلم الذي نبحث عنه هو العلم النافع ، ذلك أن البعض قد يقصر آيات العلم وأحاديثه على العلم الشرعي دون سواه ، مع أن العلم قد جاء في قوله تعالى : “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” مطلقًا دون تقييد بعلم معين ، وفي قول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلتمسُ فِيهِ عِلْمًا ” جاءت “عِلْمًا ” نكرة لتفيد العموم والشمول ، فكل علم يفيد البشرية في أمور دينها أو أمور دنياها ، أو في أمور دينها ودنياها مطلوب شرعًا ، بل إن قوله تعالى : ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” لم يأت في معرض الحديث عن العلم الشرعي ، وإنما جاء في معرض الحديث عن العلوم الكونية , حيث يقول سبحانه : ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ، وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ” ، حيث جاءت :” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ” في معرض الحديث عن العلوم الكونية ، فمن اطلع على آيات الله تعالى في الكون آمن إيمانا مطلقًا بالله تعالى ، وأدرك أن الكون لا بد له من إله يُسيره ، ولهذا يقول المتأمل :

قل للطبيب تخطفته يد الردى
يا شافي الأمراض من أرداك
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما
عجزت فنون الطب من عافاك
قل للبصير وكان يحذر حفرة
فهوى بها من الذي أهواك
بل سائل الأعمى خطى بين الزحام
بلا اصطدام من يقود خطاك
قل للجنين يعيش معزولاً بلا
راع ومرعى من الذي يرعاك
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء
لدى الولادة ما الذي أبكاك
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه
فاسأله من ذا بالسموم حشاك
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو
تحيا وهذا السم يملأ فاك
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت
شهدًا وقل للشهد من حلاك.

 فكل ما في الكون شاهد على كونه الواحد ، خلق السماء بغير عمد أمامكم ، وأمام أعينكم ، قال تعالى: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ، هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” ، ويقول تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ” ، فمن يتأمل آيات الله الكونية يرسخ إيمانه .
كما أكد معاليه أن العلم النافع كل ما ينفع البشرية سواء في أمر دينها ، أم في أمور دنياها ، ويؤدي إلى تقدمها ، وعلينا أن نفهم أن أهل الذكر هم أهل الاختصاص في كل شيء ، يقول تعالى :” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ”، فأهل الذكر لا يُعنى بهم أهل العلم الشرعي فقط ، وإنما أهل الاختصاص فنسأل أهل الطب في الطب ونأخذ بكلامهم فيه ، ونسأل أهل الهندسة في الهندسة ونأخذ بكلامهم فيها ، ونسأل أهل الزراعة في الزراعة ونأخذ بكلامهم فيها ، ونسأل أهل الفقه في الفقه ونأخذ بكلامهم فيه ، وهكذا في سائر العلوم والصناعات ، وهذا ما أعلى الإسلام قيمته من العلم النافع للبشرية ، وعدم قصره على نوع واحد من العلوم ، قال تعالى :” فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ” ، فطائفة في الفقه ، وطائفة في التفسير ، وطائفة في الهندسة ، وطائفة في الطب ، وطائفة في الصيدلة ، ودورنا أن نعمر الدنيا بالدين ، فالدين فن صناعة الحياة لا فن صناعة الموت ، شريطة ألا يكون العلم للمتاجرة بدين الله تعالى ، كهذه الجماعات المتطرفة التي تلوي أعناق النصوص وتؤولها خاطئًا لخدمة أغراضها ومصالحها ، العلم النافع ما يقصد به الإنسان وجه الله تعالى ، لا ما يجعله مطية للدنيا.
يقول علي بن عبدالعزيز الجرجاني :

يَقُولونَ لِيْ فِيْكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّما
رَأَوا رَجلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
إذا قِيلَ: هذا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى
وَلكِنَّ نَفْسَ الحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا
وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كنت كُلَّمَا
بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّمَا
أأشقى به غَرْسًا وأجنيه ذِلةً
إذا فاتباعُ الجهلِ قد كان أحزَما
ولو أنّ أهلَ العلمِ صانوه صانهم
ولو عظَّموه في النفوسِ لعظما

ويقول ثان:

بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لا يبنى ملك على جهل وإقلال

ويقول ثالث :

أروني أمة بلغت مناها
بغير العلم أو حد اليماني

ويقول آخر :

ومن لم يذق مر التعلم ساعة
تجرع ذل الجهل طول حياته
فذات الفتى والله بالعلم والتقى
إذا لم يكونا فلا اعتبار لذاته

  فأعلى الإسلام من شأن العلم النافع للبشرية ، وينبغي علينا أن نجتهد ونجد في تحصيله .

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى