*:*الأخبارأخبار الأوقاف2المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

في ملتقى الفكر الإسلامي

الشيخ/ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:
التكافل الاجتماعي منهج إسلامي
وشهر رمضان يظهر قيمة التكافل في أزهى صوره
إطعام الطعام، وفعل الخيرات، ونشر الصدقات أمور تسهم في استقرار المجتمع
د/ خالد صلاح الدين مدير عام الإرشاد الديني:
رمضان موسم الصدقات والقربات
وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس
التكافل من أفضل العبادات التي يقوم بها الإنسان

     برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أقيمت مساء يوم الاثنين 27/ 4 / 2020م الحلقة الرابعة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان: ” رمضان شهر التراحم والتكافل ” ، وحاضر فيها كل من : فضيلة الشيخ/ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والدكتور/ خالد صلاح الدين مدير عام الإرشاد الديني بالوزارة ، وقدم للملتقى الإعلامي أ/ عمر حرب المذيع بقناة النيل الثقافية .

وفي بداية كلمته أكد فضيلة الشيخ/ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن شهر رمضان هو شهر التكافل والتراحم ، والتكافل الاجتماعي منهج إسلامي التكافل يكمن أثره في أن الإسلام لم يأمر بعبادة فردية منفصلة عن الكون وعن المجتمع ، إنما أمر بعبادة متفاعلة مع الناس ومع المجتمع ، ومع الأجواء الكونية بالكامل ، والمتأمل للقرآن الكريم يجد أن هناك أربع سرعات في القرآن ، سرعة المشي في قوله تعالى : ” فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” ، وسرعة السعي في قوله تعالى : “إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ” ، وسرعة المسارعة في قوله (عز وجل) : “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ” ، والسرعة الأعلى في قوله سبحانه : ” فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ” .
كما أشار فضيلته إلى أن التراحم الاجتماعي ، والصدقات ، والكرم ، والجود ، والمَنّ ، والإحسان ، والتواد ، هذه كلها صفات طيبة من الله (عز وجل) مَنّ بها على عباده، وحين ننظر إلى قول الله تعالى : ” فَكُّ رَقَبَةٍ ” ، نجد أن ” فك رقبة” ليس موجودًا اليوم ، ولكن هناك مَنْ هُم على أضراب هذه الحالة وعلى أمثالها وأشكالها ، الذين استغرقهم الدَّين بسبب ظروفهم المادية ، فهم يحتاجون إلى مساعدة ومساندة ، يحتاجون إلى عطاء ، يحتاجون إلى عتق رقابهم من الدَّين الذي ألمّ بهم .
وحين نتأمل قول تعالى : ” أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ” ، والمسغبة هي المجاعة ، نجد أن القرآن الكريم يأمرنا بالعطاء ، والصدقة ، وهنا تظهر قيمة التكافل الاجتماعي في أزهى صوره ، فلو أن كل إنسان التزم بالكفالة الاجتماعية الواجبة عليه لأسرته وأقاربه لانتهت حالات الفقر من الأرض جميعًا ، وقد أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك فقال : ” اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم): ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ” .
كما أكد فضيلته أن ما يحدث للأرض بأكملها من أوبئة ومن جوائح كما هو الحال المشاهد الآن ، إنما هو من السنن الكونية التي أرادها الله تبارك وتعالى ، كما قال سبحانه : “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ” ، مشيرًا إلى أن الإنسان في حالة اليسر يظن أن الله يكرمه ويغدق عليه ، وفي حالة العسر يظن أن الله قد غضب عليه ، لكن المسألة ليس فيها إكرام ولا غضب ، إنما هو ابتلاء من الله سبحانه وتعالى ، وقد أجابت سورة الفجر عن ذلك ، حيث يقول الله (عز وجل) : ” فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا” ، فالمخرج مما نحن فيه هو إطعام الطعام ، وفعل الخيرات ، ونشر الصدقات ، والتعاون الاجتماعي والتكافل الاجتماعي ، هذه كلها أمور تساعد وتسهم في استقرار المجتمع .
فإذا جاءك فقير أو محتاج ، أو يتيم ، أو صاحب أزمة ، فعلى الإنسان أن يسارع بالعطاء والجود والإحسان والمن والكرم ، وهنا يظهر التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع ، حتى يشعر الأغنياء بإخوانهم الفقراء ، فتسود بينهم المحبة والمودة ، ويعيش المجتمع حياة آمنة هادئة ينعم فيها بالأمن والرخاء ، قال تعالى: ” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” .

وفي كلمته أكد الدكتور / خالد صلاح الدين مدير عام الإرشاد الديني بالوزارة أن شريعة الإسلام تفرض على أتباعها أن يَسُود بينهم التكافل والتراحم ، حتى يكون المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر ، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ (رضي الله عنهما) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).
كما أكد فضيلته أن شهر رمضان شهر تتجسد فيه معنى الرحمة والرأفة بالفقراء والمساكين ، والعطف على اليتامى والأرامل والمحتاجين ، والعملِ على إطعام الجائعين ، وإفطار الصائمين ، وقد حثَّنا ديننا الحنيف على التضحية والبذل والعطاء في سبيل إسعاد الآخرين وإدخال السرور على قلوبهم ومساعدتهم ، يقول نبينا (صلّى الله عليه وسلم) حين سئل : أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّه ِ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا ، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ … وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ).
لذا أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) على تجسيد معاني التراحم والتكافل بين أبناء المجتمع ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رضي الله عنه) قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ قَالَ فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ).
وفي ختام كلمته أكد فضيلته على اغتنام هذا الشهر الكريم بتقديم وجوه الخير وأعمال البرّ ، والتكافل والتعاون والتراحم ، فشهر رمضان موسم الصدقات والقربات ، وموسم المسارعة إلى الجود والعطاء ، وصدق الله العظيم حيث يقول : ” وَمَا تُقَدِّمُوا لأنفُسِكُم مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيرًا وَأعظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.

 

اظهر المزيد

منشور حديثّا

زر الذهاب إلى الأعلى