خلال ثاني حلقات برنامج : ” في رحاب القرآن الكريم ”
وزير الأوقاف : القرآن كتاب الجمال والكمال ومكارم الأخلاق
ويؤكد :
القرآن الكريم
تحدث عن كل ما هو جميل
في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة وإظهار الصورة المشرقة للفكر الإسلامي الصحيح ، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره ، أكد معالي أ. د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف – خلال ثاني حلقات برنامج : “في رحاب القرآن الكريم” بعنوان : ” كتاب الجمال والكمال (2)” أمس السبت ٢ رمضان ١٤٤١هـ الموافق ٢٥/ ٤/ ٢٠٢٠ م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية وقناة النيل الثقافية وقناة نايل لايف – أن القرآن الكريم هو كتاب الكمال والجمال ، حيث يقول الله تعالى : ” إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ” ، ومن الهداية التي هي أقوم : ” السراح الجميل ” ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ” ، وهو الذي لا ظلم للمرأة معه ، ولا هضم لحقوقها فيه ، ويقول جل وعلا : ” فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ” ، فينبغي على كلا الزوجين أن يتذكرا ما كان بينهما من فضل ومن حياة ؛ تستدعي حفظ العهد لا الانتقام ولا التشفي ولا العضل ، يقول سبحانه وتعالى : ” وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ” ، ولو طبقنا هذه القيم بين الزوجين ما وجدنا هذا الكم الهائل من القضايا والمشاكل الأسرية.
كما بين معاليه أن القرآن الكريم تحدث عن ” الدفع الجميل ” وهو مقابلة السيئة بالحسنة ، وليس مقابلتها بالسيئة ، يقول تعالى : ” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ” ، فمنزلة الصفح والعفو منزلة عظيمة وعالية ، يقول سبحانه: ” وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم ٍ” ، ورمضان شهر الصفح ، وشهر العفو ، وشهر الرحمة ، وشهر المغفرة ، فليرحم بعضنا بعضا ، وليعفُ بعضنا عن بعض ، يقول الحق سبحانه في وصف عباد الرحمن : ” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ” ، وهذا الأدب العالي نتعلمه من خلال الصيام ومدرسته ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن ساببه أحد أو شاتمه فليقل : إني امرؤ صائم ، إني امرؤ صائم ” ، وفي تعبير النبي (صلى الله عليه وسلم ) بقوله : ” ساببه ، أو شاتمه ” بصيغة المفاعلة أي حاول أن يخرجه عن صيامه ، وعن أخلاقه ، وعن كريم معدنه إلى المساببة والمشاتمة فليتمسك بأخلاق الصائمين ، وقيم الإسلام ، وليقل : “إني صائم ” ، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” الصوم جنة ” أي وقاية من غضب الله تعالى يوم القيامة ، ووقاية من سوء الأخلاق في الدنيا ، فالصيام يوسع الأخلاق لا يضيقها.
كما أبرز معاليه أن حديث القرآن الكريم عن ” القول الجميل “، حيث عام ٌحيث يقول الحق سبحانه و تعالى : ” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ” أي لكل الناس، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين ، موحدين أم غير موحدين ، بل طالب القرآن الكريم أن يقول الإنسان ما هو أحسن لا ما هو حسن وفقط ، يقول تعالى : ” وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ” ، كما جعل القرآن الكريم الكلمة الطيبة من صفات المؤمنين ، يقول جل وعلا : ” وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ” ، قال كثير من أهل العلم ومن المفسرين : الكلمة الطيبة للرجل الطيب وللمرأة الطيبة ، فالطيب من الكلام للطيب من الناس ، فالطيب لا يقول إلا طيبا ، وهذا فضل من الله تعالى ومنة ، يقول تعالى : ” وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ” ،وقد كان الصحابة (رضوان الله عليهم ) دائما ما يتخيرون الألفاظ والكلمات الطيبة ، حيث مر سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على قوم يوقدون النار بالليل ، فقال : ” السلام عليكم يا أهل الضوء ” ، ولم ينادهم (رضي الله عنه) بأهل النار ، كما أمر الإسلام من خلال الكلمة الطيبة بالصلح بين الناس ، يقول تعالى : ” لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا” .
كما بين معاليه أن القرآن الكريم كما تحدث عن الصفح الجميل ، والصبر الجميل ، والدفع الجميل ، والقول الجميل ؛ تحدث عن ” اللباس الجميل ” ، حيث يقول تبارك وتعالى : ” وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ) : ” إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ “، فالعبرة بالتقوى والجوهر وليس بالشكل والمظهر ، ولما مر رجل من فقراء المسلمين على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يومًا فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه :” ( ما تقولون في هذا ؟ ) ، فقالوا : رجل من فقراء المسلمين ، هذا والله حرى إن خطب ألا يزوج ، وإن شفع ألا يشفع ، ثم مر رجل آخر من الأشراف ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( ما تقولون في هذا ؟ ) ، قالوا: رجل من أشراف القوم ، هذا والله حرى إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع ، فأشار النبي (صلى الله عليه وسلم ) على الرجل الفقير الأول فقال : ( والله هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا )” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره ” .