خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد المشاري بمديرية أوقاف الجيزة
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف مساء السبت ٧ / ٣ / ٢٠٢٠م بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد ” المشاري ” ، إدارة الهرم ، بمديرية أوقاف الجيزة ، تحت عنوان :” فضل شهر رجب والأشهر الحرم ” ، واستمرارًا لرسالة وزارة الأوقاف الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي أتى بها ديننا الحنيف ، حاضر فيها كل من : الشيخ/ إبراهيم محمد إبراهيم عضو المركز الإعلامي بوزارة الأوقاف ، والشيخ/ حمادة طنطاوي مدير إدارة أوقاف الهرم ، والشيخ / محمد علي سالم إمام وخطيب المسجد ، وحضرها جمع غفير من المصلين ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي.
وفي كلمته أكد الشيخ / إبراهيم محمد إبراهيم أن الله (عز وجل) اختص أمة نبيه وحبيبه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بنفحات في أيام الدهر لكي تتعرض لها فتزيد من حسناتها ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَات فَتَعَرَّضُوا لها ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا”، ومن هذه النفحات الأشهر الحرم، فقد أظلنا في هذه الأيام شهر من الأشهر الحرم التي أمر الله سبحانه وتعالى بتعظيمها وإجلالها؛ يقول تعالى :”إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنفسكم”، وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ “، فحري أن نعرف قدر هذا الشهر الحرام ؛ وأن نحذر من المعصية فيه ؛ فإنها ليست كالمعصية في غيره بل المعصية فيه أعظم ، كما قال سبحانه: “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ” ، قال قتادة (رحمه الله) : « إنّ الظلمَ في الشهرِ الحرامِ أعظمُ خطيئةً ووزراً من الظلمِ فيما سواهُ، وإنْ كان الظلمُ على كلِّ حالٍ عظيماً، ولكنَّ اللهَ يُعظِّمُ من أمرِه ما شاء ، وقال أيضا :” إنَّ اللهَ اصطفى صَفايا من خلقِه؛ اصطفى من الملائكةِ رسلاً، ومن النّاسِ رسلاً، واصطفى من الكلامِ ذكرَه، واصطفى من الأرضِ المساجدَ، واصطفى من الشهورِ رمضانَ والأشهرَ الحُرمَ، واصطفى من الأيّامِ يومَ الجمعةِ، واصطفى من اللَّيالي ليلةَ القدرِ؛ فعظِّموا ما عظَّم اللهُ؛ فإنّما تعظَّم الأمورُ بما عظَّمها اللهُ عند أهلِ الفهمِ والعقلِ” .
وفي كلمته أكد الشيخ/ محمد علي سالم أنه ينبغي على المسلم أن يكون في هذا الشهر أكثر ابتعادا عن الذنوب والآثام، فيبتعد عن ظلمه لنفسه ، ويبتعد عن ظلمه لغيره بالاعتداء عليهم وسفك دمائهم، أو أكل أموالهم وحقوقهم، أو النيل من أعراضهم، وتتبع عوراتهم، وإفشاء أسرارهم، وإلحاق الأذى بهم، قال تعالى في شأن هذه الأشهر: “فلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنفسكم” ، كما يجب التخلي عن جميع الذنوب كبائرها وصغائرها فالنبي (صلى الله عليه وسلم) يحذرنا من احتقار الذنوب فيقول: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ»، وكما أن المعاصي تعظم في الشهر الحرام، فكذلك الحسنات والطاعات تعظم وتضاعف في هذه الأيام؛ فالتقرب إلى اللهِ (عز وجل) بالطاعة في الشّهر الحرام أفضل وأحب إليه سبحانه من التعبد في سائر الأيام.
وفي كلمته أكد الشيخ/ حمادة طنطاوي أن شهر رجب وسائر الأشهر الحرم يجب أن نعظمها ، وأن نقف حول الأحداث التي وقعت في هذا الشهر الحرام لنأخذ منها العبر والدروس ، كمعجزة الإسراء والمعراج ، وفي شهر رجب تتشوق نفوس المؤمنين لرمضان وتهب عليهم نسائمه ويستشعرون قربه، حتى قيل : “شهر رجب شهر الزرع، وشعبان شهر السقي للزرع، ورمضان شهر حصاد الزرع”، ومن هنا يجب الاستعداد لهذا الشهر الكريم بالتوبة ، والمبادرة بالأعمال الصالحة ، والإكثار منها لكي يدخل الإنسان في شهر رمضان وهو في أتم استعداد وقرب من الله (عز وجل) ، يقول الشاعر:
بيِّض صحيفتك السوداءَ في رجب بصالح العمل المنجي من اللهب
شهــــــــرٌ حرامٌ أتى من أشهر حرم إذا دعــــــــا اللهَ داع فيه لم يخب
طوبى لــــــــعبد زَكَى فيه له عملٌ فكـــف فيه عن الفحشاء والريب