يدهشني الأداء الدقيق للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وبشكل يومي دءوب، فقد استطاع الرجل في فترة وجيزة أن يبنى جدارا حاميا بين المساجد وجماعة من الناس، كانوا قد استولوا على معظم المنابر وسط غياب مريب للدولة المصرية المعتدلة.
كما قام ويقوم بشكل دوري بإصدار قرارات من شأنها تعزيز دور المسجد وضبط إيقاعه لخدمة الإسلام والمسلمين، بعيدا عن حالة الإستقطاب التى أدت إلى ضياع هذا الدور واستغلال المساجد فيما هو أبعد من دورها الديني.
في سنوات الغفلة نجحت تيارات دينية بعينها فى السيطرة على مساجد مصر وإنحرفت بها، ورأينا وجوها إستطاعت أن تمكن لنفسها ولتيارات متطرفة أن تستخدم المساجد في أغراض أبعد ما تكون عن دور المساجد، في دولة ظلت طوال تاريخها تمثل الإعتدال بحكم تاريخها وحضارتها وقيمها الإنسانية النبيلة، لدرجة ظننا معها أننا أمام غول لا يمكن إقتلاع جذوره من على المنابر، وتعالت الصرخات دون جدوى حتى جاء الوزير إلى موقعه فخاض معركة شريفة من أجل الدفاع عن صحيح الدين.
الوزير في معركته لتخليص المساجد من التيارات المتطرفة لم يكن يمارس دورا سياسيا، بل قارع الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق ولما لا وهو واحد من علمائنا وليس غريبا عنهم، طهر المساجد من كتب ظلت لسنوات تزرع الفتنة بين قطبي الأمة، ونالت من سماحة المساجد ودورها في جمع الناس حول رسالتها، ورأينا مساجد لطوائف لا يدخلها غيرهم حتى تحررت وعاد إليها الانضباط المنشود.
يحمل محمد مختار جمعة أجندة صغيرة في جيبه يسجل فيها كل شاردة أو واردة تطرحها الجماهير، أو يتناولها مفكرون وكتاب ويتدارس الأمر ويتصرف بناء على ذلك وفق قواعد الدين السمحة، كما خاض بنفسه وأصدر مجموعة من الكتب الهامة للمكتبة الدينية، تناول خلالها مغالطات أصحاب الفكر المتطرف دون خوف أو رهبة أو حسابات سياسية، فالامر بالنسبة له لا يعدو كونه رسالة يؤمن بها كشيخ تخرج في مؤسسة الأزهر الشريف.
تلك المعارك رغم خطورتها ورغم أنها تسير عكس التيار الذي ظل سائدا لفترات طويلة، يقوم بها الوزير دون جلبة أو تعصب، مع وضع آليات تنفيذ حاكمة وحاسمة ومتابعة جيدة من فريق عمل إختاره بنفسه لهذه المهمة المقدسة..
ربما نشأت حوله عداءات هو شخصيا لم يهتم بها، وربما تناولته كتائب إليكترونية بالذم وهو لا يبالى ولاينتظر تعليمات، فيما يظن أنه يصب في مصلحة البلاد والعباد.
عودة الانضباط ورقابة المحتوى والقائمين عليه وإعادة الهيبة إلى المسجد، باعتباره مؤسسة تمثل الدولة الرسمية والإجابة أو الاستجابة لكل ما تطرحه وسائل الإعلام الاجتماعى، والتحول إلى جزء من الحياة اليومية للمواطن.
كلها أهداف نبيلة تتحقق يوما بعد يوم، مهما كانت الصعوبات والمعارك التى تشعل نيرانها كتائب لم نعد مندهشين لمواقفها وتعاملها مع الحالة المصرية تعامل العداء الدائم.. اللهم احفظ مصر والمصريين واحفظ لمساجدها وكنائسها هيبتها ودورها.