خلال برنامج ندوة للرأي من مسجد مولانا الإمام الحسين (رضي الله عنه) بمحافظة القاهرة
أ.د/ أحمد حسين: العمل الصالح والإيمان بالله قرينان د/ عمرو محمد الكمار: العمل الصالح الذي يتعدى نفعه للغير هو الأكثر ثوابًا د/ ياسر مغاوري: أصحاب العمل الصالح هم ورثة النعيم المقيم في الجنة
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، عقدت وزارة الأوقاف مساء الثلاثاء 3 / 3 / 2020م بمسجد مولانا الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة ندوة للرأي تحت عنوان : ” فضل الأعمال الصالحة في الأشهر الحرم ” ، حاضر فيها أ . د/ أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية ، و د/ عمرو محمد الكمار مدير إدارة أكاديمية الأوقاف الدولية ، و د/ ياسر مغاوري إمام وخطيب المسجد ، وبحضور جمع غفير من رواد المسجد ، وأدار الندوة الإعلامي أ/ عمر حرب .
وفي كلمته أكد فضيلة أ.د / أحمد حسين أن العمل الصالح هو الغاية من وجود الإنسان ، وأن الأعمال الصالحة التي يعود نفعها على الغير يضاعف فيها الأجر ، لذا قرنها الله ( عز وجل ) بالإيمان ، يقول سبحانه :” لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى َالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” ، وهناك من العمل ما يدوم بعد الموت كبناء المساجد ، والعلم النافع ، وغيره ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) :” إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ” ، و قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ” سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا ، أَوْ كَرَى نَهَرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ”، مشيرًا إلى أن العمل الصالح لا يضيع ثوابه ، يقول سبحانه:” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا”، وقد مر علي النبي (صلى الله عليه وسلم ) شاب قوي ، فرأى أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم ) فقالوا : يا رسول الله ، لو كان هذا في سبيل الله ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان “
وفي كلمته أكد د/ عمرو محمد الكمار أن من فضل الله ومنته على عباده أن جعل لهم مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن أعظم هذه المواسم وأجلها الأشهر الحرم ، وقد فضل الله ( عز وجل) الأشهر الحرم على باقي أشهر السنة ، وحرم القتال فيها، ولذلك سميت الأشهر الحرم، وهي محرم ، ورجب ،وذو القعدة ، وذو الحجة ، يقول سبحانه :” إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ” ، ويقول( صلى الله عليه وسلم) :” إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة، وَذو الْحجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجُب مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ” ، وأن العمل الصالح الأكثر ثوابًا هو الذي يتعدى نفعه للغير ، يقول النبي ( صلى الله عليه وسلم) :” لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي المسلمين” ، وقال ( صلى الله عليه وسلم) :” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي” ، وقال ( صلى الله عليه وسلم): ” دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، ولَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ”، وقد نفى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الإيمان عن الذي يؤذي جاره ، فقال ( صلى الله عليه وسلم) :” واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) :” لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا . قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ . قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا”
وفي كلمته أكد د/ ياسر مغاوري أن الله قد اختص هذه الأمة بأزمنة فاضلة وأمكنة مباركة، ورتب عليها أجورًا عظيمة، فمن الأمكنة المباركة : مكة المكرمة وفيها المسجد الحرام ، والمدينة المنورة وفيها المسجد النبوي، والقدس وفيها المسجد الأقصى ، ومن الأزمنة الفاضلة : شهر رمضان وليلة القدر وعشر ذي الحجة ويوم الجمعة والأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب؛ قال تعالى: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.
مشيرًا إلى أن العمل الصالح هو زاد المسير إلى الله تعالى في هذه الرحلة الدنيوية العاجلة على العموم حتى يصل المؤمن إلى رضوان ربه ورحمته (عز وجل) ويبقى عمله عند الله مزخورًا ، ويزيد الأجر إذا كان في شهرٍ قد حرمه الله تعالى، قال الله عز وجل: ” فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ” وأن أصحاب العمل الصالح هم ورثة النعيم المقيم في الجنة، يقول تعالى: ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” ، وعلى المسلم أن يغتنم هذه الفرصة المواتية للتخير من صنوف العمل الصالح في الأشهر الحرم .