وزير الأوقاف في خطبة الجمعة : العمل الصالح أعم وأوسع من أن نحصره في العبادات والأوبئة الكونية لا ترتبط بالإيمان أو الكفر
وإنما هي تنبيه وتذكرة للجميع ، فمع الأخذ بأسباب العلم يجب ألا ننسى خالق الأسباب والمسببات
ويؤكد بعد الصلاة :
نؤدي واجبنا الدعوي والوطني في النجوع والعزب
كما نؤديه في العواصم والمدن .
في إطار خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله (عز وجل) مبنى ومعنى ، افتتح معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة, و أ.د/ ممدوح غراب محافظ الشرقية مسجد إبراهيم عبد الرحمن بعزبة البيه بقرية العواسجة مركز ههيا بالشرقية اليوم 4 رجب 1441هـ ـ الموافق 28 من فبراير 2020م ، وألقى معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة خطبة الجمعة تحت عنوان :” مفهوم العمل الصالح والعمل السيئ “، وبحضور سيادة اللواء/ عاطف مهران مساعد وزير الداخلية مدير أمن الشرقية ، و بعض أعضاء مجلس النواب عن المحافظة ، ولفيف من القيادات التنفيذية والدعوية والشعبية بالمحافظة ، وجمع كبير من المصلين.
وخلال خطبة اليوم الجمعة أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أن العمل الصالح أعم وأوسع من أم نحصره في باب العبادات وحدها , بل إنه يشمل كل عمل صالح , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ : التَّسْبِيحُ ، وَالتَّحْمِيدُ ، وَالتَّكْبِيرُ ، وَالتَّهْلِيلُ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ ، وَتَهْدِي الْأَعْمَى ، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ ، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ ، فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ ” , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ : مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا ، أَوْ كَرَى نَهَرًا ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا ، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا ، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا ، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا ، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ” .
وفي الخطبة الثانية أكد معاليه أن الأحداث الكبرى التي تحدث في الكون إنما تحدث بقدر الله وإرادته , على أننا لا يجب أن نحملها على معاني الإيمان والكفر , وإلا فماذا عن الزلازل التي تصيب بعض الدول الإسلامية أكثر مما تصيب غيرها , ولو كان الأمر على الإسلام والكفر ألم يكن الله (عز وجل) قادرًا على أن يمنعه عن المسلمين وبلادهم ؟! , فالأمر لا ينبغي أن نحمله أبدًا على قضية الإيمان والكفر , كما لا يمكن أن نحمله على الانتقام , لأن الله (عز وجل) يقول : “وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً”, أي إنذارًا وتنبيهًا , ولم يقل سبحانه إلا انتقاما .
وهنا ننبه على أمرين هامين :
الأول : ضرورة الأخذ بأقصى الأسباب الإجرائية الاحترازية والوقائية والعلاجية من الجهات المختصة الرسمية , وأن نتحرى الدقة فيما ينشر ولا نلهث خلف المواقع المجهولة أو الشائعات التي يعمد مثيروها إلى إثارة الهلع تهويلا , كما لا ينبغي أن نهون من أمر تحذر الجهات المختصة منه , ونذكر بأن سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان في طريقه إلى الشام فبلغه أن وباء حل بها فعاد إلى المدينة , فقيل له : أنفر من قدر الله يا أمير المؤمنين فقال : بل نفر من قدر الله إلى قدر الله , وعلينا أن ندرك أن في الأمر تنبيها للغافل وتذكيرا بقدرة الخالق (عز وجل) في كونه , حيث يقول سبحانه : “أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ” , ويقول سبحانه في سورة يونس : “إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” , ويقول سبحانه في سورة الإسراء : “قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا” , فلا عاصم من أمر الله إلا من رحم , وليس لبعض النوائب من دون الله كاشفة , فمع الأخذ بكل أسباب العلم وإجراءاته يجب أن لا ننسى خالق الأسباب والمسببات , فعندما حدث زلزال بالكوفة وكان فيها سيدنا عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه ) قال : إن الله (عز وجل ) يستعتبكم فاعتبوه , أي ينبهكم إلى مرضاته فارضوه , فالمؤمن من يأخذ العظة والعبرة من الأحداث الكونية ويدرك ما فيها من تذكير وتنبيه للغافل .
وفي ختام خطبته دعا معاليه لمصر وأهلها بالسلامة من كل داء ووباء ومكروه ، سائلا الله (عز وجل) أن يرفع عن البلاد والعباد والبشرية كلها كل بلاء أو وباء , وأن يرزقنا حسن الفهم لديننا وحسن اللجوء إلى ربنا (عز وجل) وحسن الإيمان به والتوكل عليه .
كما أكد معاليه أثناء الافتتاح أن حضوره لافتتاح مسجد بإحدى العزب بإحدى القرى يأتي تأكيدا على اهتمام الدولة المصرية بالمواطن أينما كان , وأن الوزارة تؤدي واجبها الدعوي والوطني في العزب والقرى والنجوع كما تؤديه في العواصم والمدن الكبرى .