خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد السلام بمحافظة الجيزة
علماء الأوقاف يؤكدون :
الوقت من أعظم نعم الله (عز وجل) على الإنسان
ومن ضيع وقته فيما لا يفيد ضيع دنياه وآخرته
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد السلام التابع لإدارة الوراق بمحافظة الجيزة تحت عنوان : ” أهمية الوقت ووجوب المحافظة عليه ”، مساء السبت 22 / 2 / 2020م ، وذلك في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، واستمرارًا لرسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي أتى بها ديننا الحنيف ، حاضر فيها كل من : الدكتور / السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة ، والشيخ/ أحمد حامد حسن بالديوان العام ، والشيخ/ صبري محمد حماد إمام وخطيب بالإدارة ، وحضرها جمع غفير من المصلين ، وأدار الندوة أ/ جمال سالم نائب رئيس تحرير صحيفة عقيدتي .
وفي بداية كلمته وجه د/ السيد مسعد الشكر لكل من كان سببًا في إقامة هذه الندوات ، مبينًا أننا نعيش عصر الازدهار في الدعوة تحت قيادة ورعاية معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة ، موضحا أن أغلى نعمة يمتلكها الإنسان في حياته نعمة الوقت ، وما تقدمت الأمم إلا بحفاظها على أوقاتها، وحسن استغلالها لجميع أوقاتها ، وأوْقاتنا هي رأس مالنا في هذه الدنيا، ومن فرّط في وقته وعمُره فقد فرّط في حياته ، وبعد أيام يهل علينا شهر رجب أحد الأشهر الحرم التي تتضاعف فيها الحسنات ، والتي ينبغي على المسلم أن يستثمر هذه الأيام في ما يقربه من الله (عز وجل) ، والإنسان مطالب بأن يستثمر وقته أحسن استثمار بالعمل لدنياه وآخرته يقول تعالى: ” وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ “، ويقول (صلى الله عليه وسلم): ” إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ” ، فهذا توجيه من النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى استثمار المسلم جميع أوقاته التي أنعم الله (عز وجل) عليه بها وسخرها له ، يقول الله تعالى: “وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ”، ويقول أيضا : “وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَار”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ» فالخاسر في وقته إنما هو مغبون كالذي يبيع سلعته بأقل مما تستحق، أو يشتريها بأكثر مما تستحق ، ولا يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرّت بهم لم يذكروا الله (عز وجل) فيها ، ولقيمة الوقت يلفت ربنا (جل شأنه) الأنظار إلى هذه النعمة بالقسم بالوقت في القرآن الكريم، والعظيم إذا أقسم بشيء دلّ على عظمته وضرورة العناية به، قال تعالى: (وَالْفَجْرِ)، وقال أيضًا: (وَالْعَصْرِ) ، وأقسم سبحانه بالليل والنهار فقال: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)، وقال (عزّ وجلّ): (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) إلى غير ذلك ، ثم يلفت النظر إلى فضل بعض الأوقات على بعض ؛ فمن صفات المتقين حفاظهم على أوقات السحر لأنها من أغلى وأنفس الأوقات في التقرب إلى الله (عز وجل) يقول تعالى: ” إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ “، ويوجه (صلى الله عليه وسلم) أمته لاغتنام الوقت قبل أن يسألوا عنه وهم بين يدي الله (عز وجل) فيقول (صلى الله عليه وسلم): «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ”، وعن أول ما يُسْأل عنه العبد يوم القيامة، يقول (صلى الله عليه وسلّم): «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ….».
وفي كلمته أكد الشيخ/ أحمد حامد حسن أن الوقت له صفاته وسماته، ومنها: أنه ينقضي سريعًا، ولا يعود إذا ذهب، كما أنه لا يباع ولا يشترى، وهو أنفس ما يملكه الإنسان، ولذا ينبغي الاهتمام بشأنه، وعدم التراخي في استثماره ، لذا يرشدنا الله (عز وجل) إلى الأوقات الفاضلة واستثمارها في طاعته فيقول سبحانه وتعالى:” فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ “، ويقول ” وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ” ، ويوجه نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) أمته إلى حسن اسثمار الوقت من أول النهار لآخره فيقول: ” إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ ” ، بل دعا الإسلام إلى حسن اغتنام الوقت في كل مراحل الحياة، وأكد على ذلك في أهم فريضة وهي الصلاة، قال تعالى:(إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) أي في أوقات معلومة محددة ، وحسن اغتنام الوقت أعظم ما يكون في مرحلة الشباب، فهي أخصب مراحل العمر، ولا يكون العمل جادًا إلا باحترام الوقت في بدايته ونهايته، فالوقت إن لم تستثمره في العمل والإنجازات العظيمة، مضى ولن يعود.
وفي كلمته أكد الشيخ/ صبري محمد حامد أنه حري بالعاقل أن يستثمر هذا الوقت الذي مَنَحَهُ الله إياه فيما يرضي ربه، وأن يحقِّق لنفسِه السعادة في الدُّنيا والآخرة، قبل أن يسأل عن هذا الوقت ، يقول سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) :” حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر ” يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ” ، ويقول الإمام الحسن البصري (رحمه الله): “يا ابن آدم، إنَّما أنت أيَّام، كلَّما ذهب يومٌ ذهب بعضُك”، يقول الشاعر :
إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالأَيَّامِ نَقْطَعُهَا وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى جُزْءٌ مِنَ العُمُرِ
ويجب على المسلم أن يدير وقته وينظمه ، كما كان (صلى الله عليه وسلم) ينظم وقته كل يوم، فكل يوم يمضي ، وكل ساعة تنقضي، وكل لحظة تمر، ليس بإمكان أحد أن يستعيدها، ويقول الإمام الحسن البصري (رحمه الله) : “ما مِن يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني؛ فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة”، إذا علم المسلم هذه الحقيقة عن الوقت أدرك أن الوقت أغلى ما يملك في هذه الدنيا، وأنفس ما يهتم بحفظه.