خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد الفتح برمسيس بمحافظة القاهرة
علماء الأوقاف يؤكدون: الإسلام أمر بستر العورات وصيانة الأعراض
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد الفتح برمسيس بمحافظة القاهرة تحت عنوان : ” التحرش ومنافاته للدين والقيم”، مساء الأربعاء 19 / 2 / 2020 م ، وذلك في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، واستمرارًا لرسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي أتى بها ديننا الحنيف ، حاضر فيها كل من : الشيخ / محمد عبد العزيز السيد بالديوان العام ، والدكتور/ محمد طه رمضان إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) ، والشيخ / محمد الوجيه البحيري إمام وخطيب المسجد ، وحضرها جمع غفير من المصلين ، وأدار الندوة أ/ إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي .
وفي كلمته أكد د/ محمد عبد العزيز السيد أن دور المؤسسات الدينية ولا سيما وزارة الأوقاف هو تنقية المجتمع من الآفات ، ووقايته من المخاطر ، ومن الآفات التي تؤثر سلبًا على المجتمع (التحرش) ، وهو سلوك سيء ، وفعل مستقبح ، وتأتي أهمية هذه الندوات في تحصين المجتمع من تلك السلوكيات الخاطئة ، فإن الوقاية خير من العلاج ، وأن القرآن الكريم حذر من هذه الأخلاق الذميمة ، حيث قال تعالى:” لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ، سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا” ، قال بعض أهل العلم : الذي في قلبه مرض من يؤذي المؤمن باتباع نسائه ، مبينًا أن الإسلام أمر بستر العورات وصيانة الأعراض ، وجرَّم انتهاك الحرمات والأعراض وقبَّح ذلك ونفَّر منه ؛ لتعلقها بالاعتداء على الغير ، فعن سيدنا عبد الله بن عباس ( رضي الله عنهما ) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) خطب الناس يوم النحر فقال : “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ ” قالوا : يوم حرام ، قال : ” فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ ” قالوا : بلد حرام ، قال:” فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟” قالوا : شهر حرام ، قال : ” فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا” ، فأعادها مرارًا ، ثم رفع رأسه ، فقال :” اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ”.
وفي كلمته أكد د/ محمد طه رمضان أن الله تعالى كرم الإنسان بسياج من القيم ، والأخلاق والمبادئ ، لتحفظ الإنسانية وترتفع بها عن سفاسف الأمور وصغارها ، وهذا ما أصلته رسالة النبي (صلى الله عليه وسلم) ، حيث جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) معيار خيرية الرجال ، مبنيًّا على حسن معاملة المرأة ؛ وكمال الإيمان بحسن الخلق ، فيقول: ” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ”، ومن أجل نشر الطهارة والعفة في المجتمع حرَّم الإسلام تتبع العورات حيث قال (صلى الله عليه وسلم) : ” يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ : لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِع اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ”، فالتحرش جريمة خطيرة حيث إنها تحتوي على مفاسد عديدة ، منها : هتك الأعراض ، وإيذاء الناس بغير حق ، وتكدير السلم والأمن المجتمعي ، موضحًا أن هناك أسبابا عديدة للتحرش منها : ضعف الوازع القيمي والأخلاقي ، يقول تعالى : “وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ” ، ومنها : الفراغ فالوقت إن لم تشغله بالطاعة شغلك بالمعصية ، والنفس لابد لها من عمل وحركة وسعي ، وينبغي على المجتمع أن يتصدى لهذه الظاهرة ليعيش المجتمع في أمن وأمان ، وسلم وسلام.
وفي كلمته أكد الشيخ / محمد الوجيه البحيري أن التحرُّش بالمرأة من أشنع الأفعال وأقبحها في نظر الدين ، ولا يصدر هذا الفعل إلا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة ، مرجعًا السبب الرئيس للتحرش في ضعف الأخلاق ، فكلما تمكنت القيم والأخلاق من نفس الإنسان منعته من التحرش وغيره ، بل وكبحت جماح النفس بعيدًا عن هذا الفعل المقيت ، وكلما ضعفت الأخلاق كلما لعبت الشهوات بالإنسان ، وأن غاية الأوامر والنواهي في القرآن الكريم جاءت لتسمو بالنفس البشرية ، يقول تعالى : “إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ” ، ويقول (عز وجل) :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” ، وقال تعالى :” فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ”.