في اللقاء الثاني له على التوالي بمقر الأمم المتحدة بجنيف كلمة وزير الأوقاف في افتتاح مؤتمر تحصين الشباب ضد التطرف بالأمم المتحدة
وفيها يؤكد :
لا يمكن في عالم اليوم لأحد أن يعيش آمنًا وحده بمعزل عن أمن الآخرين ، فالإرهاب إلكترونيا ومسلحا صار عابرًا للحدود والقارات . وتعرية الإرهاب والإرهابيين من التستر بأي غطاءات دينية واجب المؤسسات الدينية ومن أهم سبل مواجهة الإرهاب .
في كلمته في افتتاح مؤتمر تحصين الشباب ضد التطرف الذي تقيمه رابطة العالم الإسلامي بمقر الأمم المتحدة بجنيف والذي تم افتتاحه اليوم الثلاثاء ١٨ – ٢ – ٢٠٢٠م أكد أ.د /محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في كلمته بالجلسة الافتتاحية أن العالم كله اليوم في حاجة ماسة إلى الأمن بكل مفرداته ولا سيما الأمن المجتمعي والنفسي ، إذ لا تنمية ولا اقتصاد ولا تقدم ولا ازدهار بلا أمن ، ولا أمن مع الإرهاب ، ولا قضاء على الإرهاب دون حماية شبابنا من التطرف ، ولهذا نحن هنا اليوم في أعرق مؤسسة دولية في الأمم المتحدة لنؤكد أننا دعاة أمن وسلام ، وأننا جئنا إلى هنا دعمًا للسلام ، ولنقف صفًا واحدًا في مواجهة التطرف والإرهاب ، فالأمن هو المطلب الأول لأي دولة أو أمة بل للإنسانية ، فهو أحد أهم الركيزتين التي تقوم عليهما حياة البشر ، وهما : الأمن والرزق . ولا شك أيضا في أن الأمن الذي نسعى جميعا ويسعى كل شرفاء العالم لتحقيقه يلزمه جهد وعمل كبير على كل المستويات ، على المستوى الديني والفكري والثقافي وهذا واجب مؤسسات صناعة الوعي ، ودورنا هو تعزيز الشراكات والمشتركات الإنسانية مع كل الساعين بصدق إلى تعزيز التسامح الديني والسلام الإنساني ، وتخليص الإنسانية من كل ألوان التمييز والعنف والكراهية . ونؤكد أننا نؤمن بحرية المعتقد وبحق التنوع والاختلاف ، ونعمل بما أوتينا من قوة على ترسيخ أسس التعايش السلمي بين البشر جميعا واحترام آدمية الإنسان وإنسانيته دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق ، كما نؤمن بحق الإنسان في مقومات الحياة الأخرى التي لا تستقيم حياته إلا بها من صحة وتعليم ومسكن آدمي ، مع إيماننا بما يتطلبه ذلك من حماية اجتماعية وتكافل إنساني حقيقي يعلي من قيمة الإنسان كإنسان ، فَلَو أنفقت البشرية على التنمية في المناطق المحرومة والدول الأكثر فقرًا معشار ما تنفق على الحروب لتغير وجه العالم الذي نعيشه . على أننا حين ندعو للتسامح ونحن هنا لأجله ونعمل على تعزيزه وتحصين شبابنا من التطرف ، فإنه يجب علينا خدمة لهذا التسامح أن نعمل على انتشال الطبقات المدقعة من فقرها المدقع ، ولو إلى أدنى درجات العيش الآمن بكرامة ، فالطبقات المحرومة والمهمشة أكثر عرضة للانفجار ولتخطف يد الإرهاب الغاشم لبعض أبنائها المحبطين . ولا يظنن أحد أنه قادر أن يعيش طويلًا آمنا وحده أو بمعزل عن أمن الآخرين واستقرارهم ، في وقت صار فيه العالم كله أشبه بقرية صغيرة ما يحدث في شرقه سرعان ما نجد صداه في غربه وكذلك الحال في شماله وجنوبه ، وأصبح الإرهاب فيه إلكترونيا ومسلحا عابرا للحدود والقارات ، وهو أكثر تسللًا وأسرع انتشارا من الفيروسات المدمرة ، وما لم يتضافر عقلاء العالم دولا ومؤسسات ومفكرين وكتاب في مواجهته فإن خطره سيكون أكثر تدميرًا ، حتى على من يصنعه ويدعمه و يأويه ، ذلك أن الإرهاب لا دين له ولا وطن له ولا ذمة له ولا عهد له ولا وفاء له ولا أمان له ، وهو قنابل موقوتة قابلة للانفجار والاشتعال حيث حل وحيث ارتحل ، مما يتطلب منا جميعا العمل على أرضية إنسانية مشتركة ومتجردة للقضاء على الإرهاب بكل صوره وأشكاله حتى نقتلعه من جذوره ونخلص الإنسانية كلها من شروره وآثامه ، مؤكدين أن تعرية الإرهاب والإرهابين من التستر بأي غطاءات دينية هو واجب الوقت وهو دور المؤسسات الدينية و من أهم سبل المواجهة الحاسمة ، وهو الهدف الأسمى لمؤتمرنا هذا .