خلال برنامج ندوة للرأي من مسجد ” السيدة زينب (رضي الله عنها) ” بمحافظة القاهرة
علماء الأوقاف يؤكدون : التحلي بقيم القرآن الكريم الأخلاقية يحقق سعادة الدنيا والآخرة وينبغي أن نقرأ القرآن الكريم قراءة تسمو بأخلاقنا
في إطار الدور التوعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي إطار التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، عقدت وزارة الأوقاف مساء يوم الثلاثاء 4 / 2 / 2020م بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة ندوة للرأي تحت عنوان : “الجوانب الأخلاقية في القرآن الكريم” ، حاضر فيها الشيخ/ عبد الخالق صلاح عبد الحفيظ إمام وخطيب مسجد الفتح برمسيس ، ود/ أحمد محمد عوض إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص، والشيخ/ أحمد دسوقي مكي إمام وخطيب مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها)، وبحضور جمع غفير من رواد المسجد ، وأدار الندوة الإعلامي أ/ عمر حرب .
وفي كلمته أكد الشيخ/ عبد الخالق صلاح عبد الحفيظ أن القرآن الكريم هو أصل الأخلاق الإسلامية , وأن الإسلام يربط بين القول والعمل ، والأخلاق في الإسلام قاسم مشترك في مختلف أوجه الحياة , سياسية ، واجتماعية ، وقانونية ، وتربوية ، مشيرًا إلى أن المتأمل في النص القرآني يجد أن كلمة (خُلُق) وردت في قول الله تعالى : “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ” ، وهذا المقام مقام ثناء ومدح من الله (عز وجل) للنبي (صلى الله عليه وسلم) ، فسيرته سنة يقتدى بها ، وتؤكد كتب السيرة أنه لم يكن لبشر ما كان للنبي (صلى الله عليه وسلم) من الأخلاق ، فقد كان أحسن الناس خلقاً وأكثرهم محبة ورأفة ورحمة، مشيرًا إلى أن التحلي بقيم القرآن الكريم الأخلاقية يحقق سعادة الدنيا والآخرة، وهذه الأخلاق لم تدع جانبًا من جوانب الحياة الإنسانية : روحية أو جسمية ، دينية أو دنيوية ، عقلية أو عاطفية ، فردية أو جماعية، إلا رسمت له المنهج الأمثل للسلوك الرفيع ، مستشهدًا بقصة زيد بن سعنة (رضي الله عنه) حينما قال : والله ما من شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفته في وجه النبي (صلى الله عليه وسلم) حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أعرفهما فيه ، الأولى : يسبق حلمه جهله ، والثانية : لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما …. أما وقد عرفتهما اليوم فإني أشهدك أني قد رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا ، وبمحمد نبيًا ورسولا.
وفي كلمته أكد د/ أحمد محمد عوض أن الأوامر والنواهي في القرآن الكريم قد جاءت لتسمو بالنفس البشرية ، يقول تعالى :” إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ” ، ويقول (عز وجل) :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” ،ويقول سبحانه : ” الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ”، مبينًا أن الجوانب الأخلاقية في القرآن الكريم متعددة ، منها : خلق المراقبة ، فخلق المراقبة تحيا به ضمائرنا ، ويجعل الإنسان أكمل ما يكون في الالتزام بالأوامر والنواهي ، وإتقان العمل مبتغيًا بذلك وجه الله ( عز وجل) ، يقول تعالى: “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : “إنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ” ، فالله سبحانه ينشد فينا الضمير الحي ، قال تعالى : “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا” ، فالتربية على هذا الخلق الكريم تجعل الإنسان يعلم أن الله مطلع عليه ، ناظر إليه ، عليم به ، يقول سبحانه : ” أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى” ، ويقول (عز وجل) : “وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ” ، ويقول تعالى : “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا في ٱلسَّمَوَاتِ وَمَا في ٱلْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ” ، مشيرًا إلى أننا في أمس الحاجة إلى إيقاظ الضمائر حتى تتقدم بلادنا، يقول الإمام بن سيرين (رحمه الله تعالى) : “إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل له واعظًا من قلبه يأمره وينهاه”، فينبغي أن نقرأ القرآن الكريم قراءة تسمو بأخلاقنا إلى المعالي .
وفي كلمته أكد الشيخ/ أحمد دسوقي مكي أن القرآن الكريم غني بالأخلاق ، وهو دستور للأخلاق صالح لكل زمان ومكان ، وأشار إلى أن للأخلاق جانبين : جانب نظري، وجانب عملي ، أما الجانب النظري فهو يبنى على خمسة أركان : (الإلزام ـ والمسئولية ـ والجزاء ـ والدافع والنية ـ والجهد المبذول في الالتزام بالأخلاق) ، فالالتزام بالأخلاق ليس أمرًا اختياريًّا .
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
كما أكد أن القرآن الكريم شمل الجوانب الأخلاقية ، يقول تعالى : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ” ، ولا بد من المساءلة الدنيوية على كل ما يتنافى مع الأخلاق الحميدة ، والجزاء الأخروي يكون بيد الله (عز وجل)، قال تعالى ” مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيب” ، والالتزام بالأخلاق له أجره وثمرته ، يقول سبحانه : “يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيه” ، كما حث الجمهور الكريم على التخلق بأخلاق القرآن الكريم ، حيث يقول تعالى : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” .