خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد السيدة زينب ( رضي الله عنها ) بمحافظة القاهرة
علماء الأوقاف يؤكدون : علو الهمم سبيل بناء الأمم وخدمة المجتمع وقضاء الحوائج من أجَلِّ ميادين علو الهمة
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد السيدة / زينب ( رضي الله عنها ) بالقاهرة ، تحت عنوان : “علو الهمة سبيل الأمم المتحضرة ”، عقب صلاة المغرب مساء السبت 1 / 2 / 2020 م ، وذلك في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، واستمرارًا لرسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي أتى بها ديننا الحنيف ، حاضر فيها د / محمود خليل محمود مدير عام الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة ، و د/ سعيد حامد مبروك بالديوان العام ، والشيخ/ أحمد عصام فرحات إمام المسجد ، بحضور فضيلة الشيخ/ خالد خضر وكيل وزارة أوقاف القاهرة، وجمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ مصطفى ياسين نائب رئيس تحرير صحيفة عقيدتي.
وفي بداية الندوة أكد فضيلة الشيخ/خالد خضر أن علو الهمة سبيل بناء الأمة لاسيما في واقعنا المعاصر ، حيث إن مصر تحتاج إلى سواعد قوية ، وعزيمة صلبة تبني وتعمر ، فإن لكل زمان رجاله الذين يحملون همومه ، ويسعون جاهدين لتقدمه ورفعة شأنه ، ذاكرًا ما قام به سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) من تجهيز جيش العسرة ، وشراء بئر رومة ، لذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :” ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم”.
وفي كلمته أكد د / محمود خليل محمود أن علو الهمة ليس قاصرًا على مجال معين ؛ وإنما ينبغي أن يتحقق في كل ما يقوم به الإنسان في حياته ، ومن ذلك : العبادة ، حيث يقول تعالى : “وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”، ويقول سبحانه : “وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا”، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) صاحب همة عالية في كل شئون حياته ، فكان (صلى الله عليه وسلم) يقوم من الليل حتى تتورم قدماه ، وعندما سئل في ذلك ، قال (صلى الله عليه وسلم) : (أَفَلاَ أكُونَ عبْداً شكُورًا؟) ، مبينًا أن من أعلى درجات الهمة : الهمة في خدمة المجتمع ، وإعانة الضعيف ، وإغاثة الملهوف ، وقضاء حوائج المحتاجين ، والنجدة والشهامة ،كما أن من أجَلِّ الميادين التي ينبغي أن نتنافس جميعًا فيها ، وأن نكون أصحاب همة عالية : خدمة الوطن ، فخدمة الوطن من الإيمان ؛ وقد أمرنا الله تعالى بالتنافس في ميدان الخير ، والنفع الذي يعود أثره على الوطن ، حيث يقول الحق سبحانه : “فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ”.
وفي كلمته أكد د/ سعيد حامد مبروك أن علو الهمة دأب المجتهدين ، وخلق سام من أخلاق المحسنين ، فأصحاب الهمم العالية لا ينظرون إلى سفاسف الأمور ولا وضيعها ، وإنما نظرتهم سامقة إلى معالي الأمور ، قال تعالى عن سيدنا الخليل إبراهيم (عليه السلام ) : ” إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً…” ، وقال (عز وجل) عن تمام همته ، وقوة إرادته (عليه السلام) في تنفيذ تكاليف ربه: ” وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ….”، وتوالت أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم ) لغرس الهمة العالية في نفوس صحابته الكرام، من خلال إخبارهم بحب الله تعالى لأصحاب الهمم العالية حيث يقول (صلى الله عليه وسلم ) :” إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، وَمَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ، وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا”، أو من خلال بيان ثواب الخير ، وثواب فاعله ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللهِ نُودِيَ في الجَنَّةِ : يا عَبْدَ اللهِ ، هذا خَيْرٌ ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلاةِ ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّلاةِ ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهادِ ، دُعِيَ مِن بابِ الجِهادِ ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّدَقَةِ ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيامِ ، دُعِيَ مِن بابِ الرَّيّانِ قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ (رضي الله عنه ) : يا رَسولَ اللهِ ما علَى أحَدٍ يُدْعَى مِن تِلكَ الأبْوابِ مِن ضَرُورَةٍ ، فَهلْ يُدْعَى أحَدٌ مِن تِلكَ الأبْوابِ كُلِّها ؟ قالَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم ) : نَعَمْ ، وأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ”، أو من خلال تحفيزهم بالسؤال عمن فعل كذا وكذا ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) :” مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنْكُمُ اليومَ مِسْكِينًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ، إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ”.
وفي كلمته أكد الشيخ/ أحمد عصام فرحات أن صلاح الإنسان في دنياه وأخراه راجع إلى علو همته وقوتها ، فعالي الهمة لا يرضى من كل شيء إلا أحسنه ، ولا من كل أمر إلا أجله وأعظمه ، وقدر الرجل على قدر همته ، فمن كان عالي الهمة كان عالي القدر ، قال تعالى لسيدنا يحيى ( عليه السلام) :” يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ” أي ادخل باب العلم بقوة ، ادخل مصنعك ومدرستك ومعهدك وجامعتك وعبادتك وأنت ممتلئ قوة وجد ونشاط وهمة ، مبينًا أن صاحب الهمة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة ، وتكون أوقاته مثمرة ، قال الإمام ابن عقيل الحنبلي : إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره) “، فينبغي أن نكون أصحاب همة عالية حتى يحيى الله بنا أمة أو دولة أو مؤسسة أو بلدة أو مشروعًا ، وليسأل كل منا ماذا قدم لدينه وبلده ومؤسسته ومجتمعه؟.