خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد الخلفاء الراشدين بمحافظة القاهرة
علمـاء الأوقــاف يـؤكــدون :
الإسلام يهدف إلى بناء مجتمع متراحم ومتعاطف
وصلة الرحم وصية الله للناس جميعًا
قطيعة الرَّحم شؤمٌ في الدنيا وضيقٌ في الصدر
وبغضٌ في قلوب الخلق
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد الخلفاء الراشدين – إدارة شرق القاهرة – محافظة القاهرة ، تحت عنوان : ” حقوق ذوي الأرحام ” ، عقب صلاة المغرب أمس السبت الموافق ٧ / ١٢ /٢٠١٩م ، ويأتي ذلك في إطار دور وزارة الأوقاف ، واستمرارًا لرسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي أتى بها ديننا الحنيف ، وحاضر فيها كل من : د/ طارق محمد صبري مدير عام الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة ، والشيخ / حازم جلال إمام وخطيب مسجد الحبيب المصطفى بأوقاف القاهرة ، و د/ عمرو عادل عبدالستار إمام المسجد، وحضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي .
وفي بداية كلمته أكد د/ طارق محمد صبري أن الإسلامَ يهدِف إلى بناءِ مجتمعٍ متراحمٍ متعاطِف، تسودُه المحبّةُ والإخاء ويهيمِن عليه حبّ الخيرِ والعطاء، والأسرة وحدةُ المجتمع ، تسعد بطاعة الله وصلة الرّحِم لذلك اهتمّ الإسلامُ بتوثيق عُراها، وتثبيت بُنيانها، فجاء الأمر برعايةِ حقّها بعد توحيد الله وبرّ الوالدين، قال تعالى:” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا” ، وقرنت مع إفرادِ الله بالعبادةِ والصّلاةِ والزّكاة ، فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ” .
وفي سياق متصل أشار إلى أن صلة الرحم وصية الله للناس جميعًا قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” ، وقال تعالى : “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ” .
وفي ختام كلمته بين أن صلة الرحم سبب لزيادة الأعمار وبسط الرزق ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” ، وقاطع الرحم لا يقبل الله منه عملا ، ولا يدخل الجنة ، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ”.
وفي كلمته أكد الشيخ / حازم جلال أن صلة الرَّحم حقٌّ طوقه الله(عز وجل ) الأعناق، وواجبٌ أثقل الله به الكواهل، وأشغل به الهمم ، وقد أكَّد الله ( عز وجل) على صلة الأرحام وأمر بها في مواضِع كثيرة من كتابه الكريم، قال تعالى : “وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا” ، ولعظم منزلتها حث النبي (صلى الله عليه وسلم) على صلة الرحم ، فقال : ” أيها الناس : أفشُوا السلامَ ، وأطعِموا الطعام، وصِلُوا الأرحام ، وصلُّوا بالليل والناسُ نِيام ؛ تدخُلُوا الجنةَ بسلامٍ”، وبيّن النبي ( صلى الله عليه وسلم) أن لصلة الرحم ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ” تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ ” ، وعن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) قال: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) “إن اللهَ ليُعمِّر بالقوم الديارَ، ويُثمِّرُ لهم الأموال، وما نظرَ إليهم منذ خلقَهم بُغضًا لهم” ، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: “بصِلَتهم أرحامهم”؟.
وفي ختام كلمته أشار إلى أن قطيعة الرَّحم شؤمٌ في الدنيا ، وضيقٌ في الصدر، وبُغضٌ في قلوب الخلق، وكراهةٌ في القُربَى ، فعقوبتها أليمةٌ في الآخرة، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : “إن الله خلقَ الخلقَ حتى إذا فرغَ منهم قامَت الرَّحِم فقالت: هذا مقامُ العائِذِ بك من القَطيعة، قال الله: نعم، أما ترضَين أن أصِلَ من وصَلَكِ، وأقطعَ من قطعَكِ ؟! قالت : بلى ، قال : “فذاك لكِ”، ثم قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم- : “اقرؤوا إن شِئتُم : “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ”.
وفي كلمته أكد د/ عمرو عادل عبدالستار أن صلة الرَّحم هي بذل الخير للأقارب ، وكف الشرِّ عنهم ،وعيادة مريضهم ، ومواساة فقيرهم ، وإرشاد ضالهم ، ودوام زيارتهم ، والفرح بنعمتهم، والتهنئة بسرورهم ، والحزن لمصابهم ، لذا وصى النبي (صلى الله عليه وسلم) بها ، فعن أبي ذرٍّ (رضي الله عنه) قال : ” أوصَانِي خليلي (صلى الله عليه وسلم) بخِصالٍ من الخير : أوصاني بألَّا أنظُرَ إلى مَن هو فوقي وأنْ أنظُرَ إلى مَن هو دوني وأوصاني بحبِّ المساكينِ والدُّنوِّ منهم وأوصاني أنْ أصِلَ رحِمي وإنْ أدبَرتْ وأوصاني ألَّا أخافَ في اللهِ لومةَ لائمٍ ” ، وقال(صلى الله عليه وسلم) : “ليس الواصِلُ بالمُكافِئ ، ولكنَّ الواصِل الذي إذا قُطِعَت رَحِمُه وصَلَها”، وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الله (عز وجل) لا يقبل عمل قاطع الرحم ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إن أعمالَ بني آدمَ تُعرضُ كلَّ خميسٍ ليلة الجُمعة ، فلا يُقبَلُ عملُ قاطِعِ رَحِمٍ”.
وفي ختام كلمته أشار إلى أن صلة الرحم طاعة لله عز وجل: فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل، قال تعالى : “وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ “، فقطعها قطع للوصل مع الله(عز وجل) ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ” ، وقد حكم الله (عز وجل) علي قاطع الرحم بالفسق قال تعالى : “و َمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ” ، ثم بيّن الله سبحانه وتعالى من هم فقال : ” الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ” .