خلال فعاليات اليوم الثاني للفوج السادس للطلاب الوافدين بمعسكر أبي بكر الصديق بالإسكندرية
الأستاذ الدكتور/ أحمد ربيع :
للقصص القرآني غايات عظيمة وأهداف نبيلة
من أهمها الاعتبار والعظة
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة ، وفي إطار البرامج التدريبية والتثقيفية المتنوعة والمتميزة التي تقيمها وزارة الأوقاف ، ومشاركةً في رعاية الطلاب الوافدين علميًّا وثقافيًّا ، ونشرًا للفكر الوسطي المستنير داخل مصر وخارجها ، تستمر لليوم الثاني على التوالي فعاليات الفوج السادس لمعسكر أبي بكر الصديق بالإسكندرية للطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر الشريف على منحة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أمس الجمعة 27 / 12 / 2019م بمحاضرة تحت عنوان : ” القصص القرآني وأثره في الدعوة ” للأستاذ الدكتور/ أحمد ربيع عميد كلية الدعوة الإسلامية الأسبق ، والذي أكد أن القصص القرآني يقوم على أهداف سامية وغايات نبيلة تدعو إلى التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل ، يقول تعالى : ” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ” ، وقد تناول سيادته نماذج متنوعة للقصص القرآني ، منها القصة القصيرة كما في قصة قارون الذي منحه الله المال الكثير، لكنه لم يشكر نعمة ربه بل تطاول بها على الناس ، قال تعالى : ” إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ” ، وقصة أصحاب الجنتين قال تعالى :” وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ” ، ومنها السورة الكاملة التي تتناول قصصًا مجزأة، كسورة القمر حيث ذكر بها عدد من القصص كان الهدف منها ذكر تجارب الأمم السابقة وكيف كان مصيرهم ، ولذا ختمت كل قصة في السورة الكريمة بقوله تعالى :” فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ” ، وقد تكون السورة بأكملها تتحدث عن قصة واحدة كقصة سيدنا يوسف (عليه السلام) ، وقد يكون القصص القرآني من خلال مجموعة قصصية تحكمها وحدة الهدف ، كما في قوله تعالى:” أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” وقوله : ” أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” ، وقوله تعالى : ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا…” فهدف تلك المجموعة القصصية هو تحقيق الإيمان بالله تعالى .
كما بين سيادته أن مقومات القصة الناجحة تقوم على الزمان ، والمكان ، والأشخاص ، وموضوع القصة ، ولكن القرآن الكريم يستخدم الزمان والمكان والأشخاص بحسب الهدف من القصة والغاية منها ، فإذا كان الزمن مهمًّا ذكره تصريحًا ، كما في قوله تعالى :” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ” وفي قوله تعالى :” وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا” ، وكذلك يذكر القرآن الكريم المكان إذا كان يخدم القصة ، كما في قصة الإسراء والمعراج حيث ذكر بداية الحدث ونهايته :” مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ” وفي قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) :” وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْر…” .
فالقصص القرآني قصص واقعي له أهداف سامية ، وغايات نبيلة تخدم القصة ، وتخاطب العقل ، وتنمي الفكر .