خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد طلعت حرب بمحافظة الجيزة علمـاء الأوقــاف يـؤكــدون :
ضرورة التثبت من صحة الأخبار قبل نشرها أو نقلها أو التحدث بها
واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بدون وعي خطر داهم
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد طلعت حرب بإدارة أوقاف شمال الجيزة بمحافظة الجيزة ، تحت عنوان : ” ضوابط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي” ، عقب صلاة المغرب أمس السبت 14/ ١٢ /٢٠١٩م ، ويأتي ذلك في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، واستمرارًا لرسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي أتى بها ديننا الحنيف ، حاضر فيها كل من : الشيخ/ إسلام النواوي بالإدارة العامة لبحوث الدعوة بالديوان العام ، والشيخ/ يوسف محمد عثمان إمام وخطيب بأوقاف الجيزة ، والشيخ/ محمد مصطفى شرف إمام المسجد ، بحضور جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ مصطفى ياسين نائب تحرير صحيفة عقيدتي .
وفي كلمته أكد الشيخ/ إسلام النواوي أن دين الإسلام يدعونا إلى التواصل والتعارف , قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ” , وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يسأل عن أحوال أصحابه ويطمئن عليهم ، فهذا سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) يقول : ” كُنَّا مع رَسولِ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) في سفرٍ ، فَلَمَّا أَقْبَلْنَا تَعَجَّلْتُ علَى بَعِيرٍ لي ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ خَلْفِي ، فَنَخَسَ بَعِيرِي ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِي كَأَجْوَدِ ما أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإبِلِ ، فَالْتَفَتُّ ، فَإِذَا أَنَا برَسولِ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) ، فَقالَ: ما يُعْجِلُكَ يا جَابِرُ؟ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ ، إنِّي حَديثُ عَهْدٍ بعُرْسٍ …”، فانظر كيف كان النبي (صلى الله عليه وسلم) حسن العِشرةِ لأصحابِه ، واهتمامه (صلى الله عليه وسلم) بشئونِهم ، وسُؤاله عليهم , وعلى الإنسان أن يراعي القيم الأخلاقية والآداب السلوكية في التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، فيجب ألا تكون هذه المواقع سببًا في إضاعة الوقت في ما لا ينفع ، فالوقت سلاح ذو حدين إذا استغله الإنسان وملأه بالأمور النافعة كان خيرًا له , وإن أساء استغلاله وملأه فيما يضر كان شرًّا له , وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” لا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ” , كذلك لا بد من التثبت في نقل الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالتثبت من صحتها قبل نشرها أو نقلها أو التحدث بها ، وضرورة نسبتها إلى قائليها , حتى لا يكون ذلك سببًا في نشر الشائعات وترويج الأكاذيب والافتراء على الناس , وحتى لا ينسب للناس ما هم منه براء , ولا يتأتى ذلك إلا بالتحري الشديد للمصادر , قال تعالى : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” , وقال (صلى الله عليه وسلم) : “كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ” , كما يجب تجنب الأمور التي تتسبب في النزاع بين أفراد المجتمع , من ذلك نشر ما لا يرضاه الغير ويأباه , وضرورة احترام الخصوصيات حتى لا تفضح الأسرار وتهتك الأستار , وقد قال سيدنا عمر (رضي الله عنه) : ” إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف” , فلا بد أن يصاحب التواصل على هذه المواقع الغاية النبيلة , حتى لا يلحق أذى بأحد .
وفي كلمته أكد الشيخ/ يوسف محمد عثمان أن من أعظم الضوابط لاستعمال هذه البرامج عدم التعرض لما يهلك النفس البشرية ويؤذيها ، فيجب الحذر من الآثار الصحية السلبية على المستعمل , حيث خلصت الدراسات في هذا الشأن إلى أن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي قد يضع الشخص تحت ضغط وتوتر زائدين , فيصبح بذلك أكثر عرضة للإصابة بنوبات الاكتئاب والقلق , كما يؤثر سلبًا على القدرات العقلية والصحة النفسية والمعرفية للشخص , وقد أمر الإسلام بحفظ النفس والعقل وعدم التعرض لما فيه إيذاء لهما , كما أن إفراط الأطفال في استعمال هذه المواقع في سن مبكرة يعرضهم للإصابة ببعض حالات التوحد , والعزلة , والاكتئاب , والإحباط واضطراب النوم وضعف الجهاز المناعي فضلًا عن اكتساب عادات سيئة , كالكسل والسمنة وضعف الإقبال على ممارسة الرياضة , فيبتعد عن التواصل الحقيقي للمجتمع , وحتى عن باقي أفراد الأسرة , كما يصيبهم بالتوتر والإجهاد والقلق والغضب والحقد والضغائن , فضلًا عن الإهمال في المذاكرة والتشتت الدائم في التحصيل .
وفي كلمته أشار الشيخ/ محمد مصطفى شرف إلى أن الإسلام حث على التواصل , والذي يعني في مدلوله التفاعل الإيجابي بين طرفين أومجموعة من الأطراف باستعمال الوسائل الخاصة بالتواصل , سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أم على مستوى المجتمعات والدول , وذلك بتوجيه الأخلاق الإسلامية للإحسان في العلاقات الاجتماعية على مختلف الأصعدة لتحقيق معاني التواصل , واستخدامه في توجيه الناس لتصحيح المفاهيم الخاطئة ونشرًا للفكر الوسطي المستنير , والإسلام لم يقف ضد التواصل الاجتماعي بل يحث على التطور والتقدم واستخدام أحدث الوسائل لكن بشرط حسن الاستخدام ، والتحري والتثبت وعدم الانصياع للأخبار غير الموثقة أو المواقع المشبوهة أو المجهولة.