استمرار فعاليات الدورة التأهيلية للواعظات المعينات لليوم الثالث على التوالي بمعسكر ” أبو بكر الصديق ” بالإسكندرية
أ.د/أحمد حسين :
الفهم المقاصدي للسنة النبوية أمر ضروري وملح
لكسر دوائر الجمود والانغلاق والتحجر الفكري
من الجمود والتحجر وضيق الأفق أن نقف عند ظواهر النصوص
دون فهم لأبعادها ومراميها ومقاصدها
رسالة الإسلام جاءت لتحقيق مصالح الناس
والعمل على إسعادهم في الدنيا والآخرة
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة ، وفي إطار خطة وزارة الأوقاف الدعوية لتجديد الخطاب الديني ، وتنمية المهارات المتنوعة لدى السادة الأئمة والواعظات ، تستمر ولليوم الثالث على التوالي السبت 30 / 11 / 2019م فعاليات ” الدورة التأهيلية للواعظات المعينات” , بمعسكر ” أبو بكر الصديق” بالإسكندرية , حيث ألقى أ.د / أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر محاضرة تثقيفية شملت مراجعة ومناقشة كتاب ” الفهم المقاصدي للسنة النبوية ” , بحضور الشيخ / عبد الفتاح عبد القادر جمعة , مدير مركز الأوقاف للدراسات والبحوث الدينية والمشرف العلمي على المعسكر ، والشيخ /إبراهيم محمد محمد إبراهيم عضو المركز الإعلامي بوزارة الأوقاف .
وفي بداية كلمته أكد أ.د/أحمد حسين أن الرسالة التي نحملها وهي تبليغ دعوة الله (عز وجل) , لهي أعظم رسالة لأنها تجعل الدعاة مع سيد المرسلين (صلى الله عليه وسلم) , وأثنى الله (عز وجل) على رسالة الدعاة باستفهام استنكاري , فقال تعالى : ” وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ” , أي لا أحد أحسن من هؤلاء الدعاة , لكن نحتاج لدعاة يظهرون سماحة هذا الدين ويسره , فرسالة الإسلام ليست قيودًا تحول بيننا وبين الطيبات وزينة الله التي أخرج لعباده , كما أنها ليست ضد تطور المجتمعات وتقدمها , وإنما جاءت لتحقيق مصالح الناس والعمل على إسعادهم في الدارين , وإذا نظرنا إلى الأوامر والنواهي نراها متناهية ومحصورة , وما دون ذلك من أمور مسكوت عنها وهي أكثر من أن تحصى , حثنا الإسلام على عدم التعرض لها رأفة ورحمة بنا , كما أن الفهم الصحيح لدين الله (عز وجل) يقتضي أن لا نقف عند ظواهر النصوص , ومن هذه النصوص السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع الإسلامي والتي تحمل وجوه الحكمة واليسر , الأمر الذي يجعل الحديث عن الفهم المقاصدي للسنة النبوية أمرًا ضروريًا وملحًا لكسر دوائر الجمود والانغلاق والتحجر الفكري , لأن الوقوف على المقاصد والغايات وتطبيق ذلك في ضوء مستجدات العصر ومتطلباته يعد ضرورة ملحة لمواجهة التحديات المعاصرة ومحاصرة الفكر المتطرف وكسرًا لدوائر التحجر والجمود والانغلاق وسوء الفهم وضيق الأفق , فالإسلام رحب واسع جميل يسع الحياة ويحقق مصالح البلاد والعباد .
كما أشار سيادته إلى أنه من الخطأ الفادح خلط سنن العادات وإدخالها في سنن العبادات , فهذا خلط بين ما هو وحي منزل من عند الله تعالى وبين ما هو من عادات الناس وأعرافهم ، فسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندما عرض عليه أن يأكل لحم الضب وأبى , سئل أحرام هو ؟ قال : لا وإنما لم أألفه بأرض قومي , كما أنه من الخطأ الخلط بين كل ما صدر من النبي (صلى الله عليه وسلم) واعتباره تشريعًا واجب التطبيق , فالنبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكن نبيًا فحسب بل كان نبيًا ورسولًا وحاكمًا وقائدًا عسكريًا , فتصرفاته (صلى الله عليه وسلم) باعتباره نبيًا ورسولًا وصحت نسبتها إليه , يعد من الثابت الذي لا يتغير بتغير الزمان أو المكان , مع ضرورة حمله على الفهم الصحيح , وتصرفاته (صلى الله عليه وسلم) باعتباره قائدًا عسكريًا أو حاكمًا أو قاضيًا فيكون تصرفه من قبيل ما يتناسب مع متطلبات وقته , فيكون التصرف لكل عصر في مثل هذه الأمور حسب تنظيمات القانون وشئون البلاد , هذا الفهم فهمه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندما سأله أحد أصحابه وهو الحباب بن المنذر : عن منزله يوم بدر فقال أمنزل أنزلكه الله ؟ أم هو الرأي والحرب والمشورة ؟ فلما علم أنه ليس من قبيل الوحي من الله , أشار على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن ينزل منزلًا آخر غير هذا المنزل ونزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على رأيه .
وفي ختام كلمته أشار سيادته إلى أن نماذج التطبيق في عصر النبوة تختلف تمامًا عن النماذج التطبيقية في عصرنا , فمن الجمود والتحجر وضيق الأفق أن نقف عند ظاهر النص دون فهم لأبعاده ومراميه ومقاصده , فالهدف هو تحقيق غاية مبتغاة من وراء النص , وهو ما أقره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمن صلى العصر في بني قريظة ومن صلاها في الطريق , لأن الغاية المبتغاة قد تحققت وأقر رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) كلا الفريقين على فعلهما , ومن هنا إذا تحققت هذه الغاية بأي وسيلة ووفقًا لمقتضيات العصر والتطور فهذا هو الفهم المقاصدي للنص الشريف , لأن ما استخدمه رسولنا (صلى الله عليه وسلم) هو وأصحابه (رضوان الله عليهم) هو المتيسر في زمانهم , ولو عاشوا إلى زماننا لاستخدموا أفضل وأنفع وأحدث ما توصل إليه العلم في سائر المجالات .