استمرار فعاليات الدورة التأهيلية للواعظات المعينات لليوم الثالث على التوالي بمعسكر “أبو بكر الصديق” بالإسكندرية
أ.د/عبد الله النجار :
الشريعة لها مقاصد وأهداف وغايات وليست مجرد طقوس
وإنما جاءت من عند الله لتكون معينًا للبشرية وسعادًة لهم
القواعد الفقهية تسمى بالقواعد الخمس الكبرى
وكل قاعدة منها يندرج تحتها الكثير من المسائل الفرعية
فهم هذه القواعد بداية مجتهد يسير على طريق صحيح نحو التجديد الفكري
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة ، وفي إطار خطط وزارة الأوقاف الدعوية لتجديد الخطاب الديني ، وتنمية المهارات المتنوعة لدى السادة الأئمة والواعظات ، تستمر ولليوم الثالث على التوالي فعاليات ” الدورة التأهيلية للواعظات المعينات ” , بمعسكر ” أبو بكر الصديق ” بالإسكندرية ، حيث ألقى أ.د / عبد الله النجار عميد كلية الدراسات العليا الأسبق بجامعة الأزهر محاضرة تثقيفية شملت مراجعة ومناقشة كتاب ” قواعد الفقه الكلية ” , بحضور الشيخ / عبد الفتاح عبد القادر جمعة , مدير مركز الأوقاف للدراسات والبحوث الدينية والمشرف العلمي على المعسكر ، والشيخ /إبراهيم محمد محمد إبراهيم عضو المركز الإعلامي .
وفي بداية كلمته أكد أ.د/عبد الله النجار أن موضوع الكتاب الذي نتناوله يمثل لب الشريعة والهدف منها ؛ فالشريعة لها مقاصد وأهداف وغايات , وليست مجرد طقوس , وإنما جاءت من عند الله لتكون معينًا للبشرية وسعادًة لهم , فلم تأت بتكاليف لا يستطيع المكلف تحملها , وإنما جاءت بالتيسير والتسهيل ورفع الحرج عن المكلفين , قال تعالى : ” وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ” , وقال أيضًا : ” يُرِيد اللَّه بِكُمْ الْيُسْر وَلَا يُرِيد بِكُمْ الْعُسْر ” , ومن يتأمل الأحكام يجد أنها جاءت بمصالح تعود على المكلفين , وهذه المصالح تتفرع إلى عدد من الاتجاهات منها : المحافظة على الدين الذي لو ضاع ضاعت البشرية , لأنه هو الذي يأمر بحفظ مصالح الناس من أموال وأعراض وعبادات وغيرها , ويحكم بينهم بالعدل , بتشريع مجرد لا هدف من ورائه إلا إصلاح حال الناس وإسعادهم ورعاية مصالحهم .
وفي تفصيل مبسط لكتاب قواعد الفقه الكلية أشار سيادته إلى أن هذه القواعد تسمى بالقواعد الخمس الكبرى لأن كل قاعدة منها يندرج تحتها الكثير من المسائل الفرعية من عبادات ومعاملات وغيرها والتي قد تكون موجودة الآن أو تستجد فيما بعد , وهذه القواعد تظهر عظمة هذا الدين وسماحته ويسره , فمنها القاعدة الأولى : والتي تشير إلى أن عمل المرء مرتبط بنيته , وأن الحكم الذي يترتب على أمر يكون موافقًا ومطابقًا للمقصود منه , والإنسان في مقدوره أن يحول العادة إلى عبادة ويثاب عليها , ومنها : ما يخفف على الناس صراحة , ويرفع عنهم الحرج والمشقة لتؤكد سماحة هذا الدين الحنيف ووسطيته واعتداله , وهي قاعدة : المشقة تجلب التيسير , فإذا عرض للمكلف عارض منعه من تنفيذ حكم شرعي , أوحال بينه وبين تحقيقه وجود مشقة أو صعوبة فإن هذا العذر يكون سببًا للتخفيف والتيسير , ومنها : ما يتغلب على وساوس الشيطان ومكائده حتى لا يقع في المشقة وهو يؤدي الواجبات , وهي قاعدة : اليقين لا يزول بالشك , فالحكم الثابت بالدليل يبقى ثابتًا ما لم يرد دليل متيقن يرفعه , ومنها ما يعمل على إزالة الضرر , وأن لا يقابل الضرر بضرر مثله , بل الضرر يزال , وهي قاعدة : لا ضرر ولا ضرار , فالإسلام يحظر على الإنسان الإضرار بنفسه فلا يلقي بنفسه للتهلكة , ويحظر عليه أن يضر بغيره , ومنها : ما أسند الشرع بعض الأشياء التي لم يرد فيها نص شرعي إلى أعراف الناس وعوائدهم حتى تتحقق لهم المصلحة , وهي قاعدة : العادة محكمة , فإذا لم تكن عادة الناس مخالفة للشرع الحنيف وقواعده ، فإنها تكون دليلًا وحجة للعمل بها.
وفي ختام كلمته أشار سيادته إلى أن إتقان هذه القواعد هي بداية مجتهد يسير على طريق صحيح نحو التجديد الفكري , مشيرًا إلى أن فهم قواعد الفقه الكلية يهدف إلى نقل دارسي العلوم الشرعية من دوائر الحفظ والتلقين إلى مناهج الفهم والتفكير , وفتح آفاق جديدة من خلال رفع القداسة عن غير المقدس من الأشخاص والآراء البشرية , ليقتصر التقديس على كتاب الله (عز وجل) وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) , ومن هنا يتضح جليًا أن الأحكام الفقهية الجزئية المستنبطة باجتهاد المجتهدين في قراءة النصوص ليست نصًا مقدسًا , وإنما قام قائلها بمراعاة الزمان والمكان والأحوال والأشخاص , فضلًا عن وجود جزئيات تستجد وفقًا للتطور السريع في المجتمعات والتي لا تنحصر لكثرتها , فكان لزامًا التعامل مع كل الجزئيات المستجدة وفق رؤية عصرية مستنيرة.