وزير الأوقاف في لقاء مفتوح مع طلاب الأزهر بكلية الدراسات الإسلامية والعربية (حول فقه السيرة النبوية وأثره في بناء الدول ومواجهة التطرف):
الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال
ولا بد من التفرقة بين الثابت والمتغير والتمييز بينهما
سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسنته تطبيق عملي وترجمة لكثير من آي الذكر الحكيم
والدفاع عن الأوطان من صميم مقاصد الأديان
طبع أول إصدارات مركز الأوقاف للدراسات والبحوث الدينية تحت عنوان: مفاهيم يجب أن تصحح في فقه السيرة والسنة
لو لم يكن الأزهر مباركًا لما استمر لأكثر من ألف عام في مسيرته العلمية والدعوية
في إطار التعاون المستمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ، وفي إطار سعي معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة الدؤوب لتجديد الخطاب الديني ، ونشر الفكر الوسطي المستنير ، وخلال الندوة التثقيفية التي نظمتها كلية الدراسات الإسلامية والعربية بعنوان: (فقه السيرة النبوية وأثره في بناء الدول ومواجهة التطرف) ، بحضور أ.د/ عوض إسماعيل عبدالله عميد الكلية ، وعدد من السادة العمداء والوكلاء والأساتذة ولفيف من طلاب جامعة الأزهر الشريف ، وقدم للندوة الإعلامي أ/ عمر حرب.
وفي كلمته رحب أ.د/ عوض إسماعيل عبدالله عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة بمعالي وزير الأوقاف ، واصفًا معاليه بأنه فقيه واع ، وأديب بارع ، ولغوي محقق ، وشاعر مطبوع ، مشيدًا بمؤلفات معاليه في تجديد الخطاب الديني ، مبينا أن الله (عز وجل) خلق الإنسان لمهمتين رئيسيتين: الأولى: عبادته سبحانه وتعالى ، والثانية: عمارة الكون ، قال تعالى : ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً”، مشيرًا إلى ضرورة وجود الأمن والأمان ، وأن الرسالة المحمدية الخاتمة كانت ومازالت رافعة راية السلم والأمان للناس جميعًا على وجه الأرض ، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” ، والتعارف لا يكون إلا في جو يسوده الأمن والأمان والحب والسلام ، مشيرًَا إلى حديث سيدنا عبدالله بن سلام (رضي الله عنه) لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ المدينة وانْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قد قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، ثَلاثًا، فجِئْتُ في النَّاسِ لأَنْظرَ، فلمَّا تَبيَّنْتُ وجْههُ عرَفتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فكان أوَّلُ شيْءٍ سمعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ”.
وفي بداية كلمته أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة على ضرورة إعمال العقل في فهم النص ، وأن إنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت ، وإنزال المتغير منزلة الثابت هو طريق الجمود والانغلاق ، وأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال ، فلا بد من التفرقة بين الثابت والمتغير والتمييز بينهما بفهم طبيعة الثابت وطبيعة المتغير وآليات التعامل مع المتغير في ضوء مستجدات الزمان والمكان والأحوال ، فإن ما كتب حول النص قد كتب في ظروف معينة ، و رب ما كان راجحًا في عصر يصبح غير راجح في عصر آخر.
وفي سياق متصل أكد معاليه أن سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسنته كانت تطبيقًا عمليًّا وترجمة لكثير من آي الذكر الحكيم ، و أن السنة متممة ومبينة وشارحة لكثير مما جاء بكتاب الله تعالى ، وأن الإسلام لم يكن معتديًا نهائيًّا ، فالحرب في الإسلام دفاعية قال تعالى :” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ” ، فالإسلام ليس دين اعتداء ، وفي المقابل لا نعطي الدنية في ديننا ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللّه (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: “فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ” قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: “قَاتِلْهُ” قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: “فَأَنْتَ شَهِيدٌ” قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: “هُوَ فِي النَّارِ” , فمن قتل دون ماله فهو شهيد , ومن قتل دون عرضه فهو شهيد , ومن قتل دون وطنه فهو شهيد , والدفاع عن الأوطان من صميم مقاصد الأديان.
كما أشار معاليه إلى أنه تم اليوم اعتماد طبع أول إصدارات مركز الأوقاف للدراسات والبحوث الدينية تحت عنوان: “مفاهيم يجب أن تصحح في فقه السيرة والسنة” ، وهو كتاب غاية في الأهمية في تصحيح المفاهيم الخاطئة في مجال فقه السيرة والسنة.
وفي ختام اللقاء المفتوح وجه معاليه إلى ضرورة تفعيل الأنشطة الطلابية ، وعقد ندوات ولقاءات مفتوحة وحوارية مع الطلاب ، مبينًا أن هذا من أفضل ما يؤثر في بناء الطلاب علميًّا وفكريًّا ، داعيًا طلاب الأزهر الشريف إلى أن يكونوا على ثقة كاملة في أساتذتهم ، وأن علماء الأمة لا يمكن أن يجتمعوا على ضلالة أبدًا ، قائلًا: كن أزهريًّا ولا تنخدع بأي جماعات وأي أفكار ، فلو لم يكن الأزهر مباركًا لما استمر لأكثر من ألف عام في مسيرته العلمية والدعوية , محذرًا من الانتماء لأي جماعة متطرفة أو متشددة أو تسليم العقل لأفكارهم المنحرفة.