أحسن الحديث
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف
القرآن الكريم معجزة الإسلام الكبرى ، من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، وهو أحسن الحديث ، يقول الحق سبحانه وتعالى : ” اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيْثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُوْدُ الَّذِيْنَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِيْنُ جُلُوْدُهُمْ وَقُلُوْبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِيْ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ.” (الزمر : 23)
وهو الذي لا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، لم تلبث الجن إذ سمعته أن قالوا ” إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ” (الجن : 1-2)
وما أن سمع أحد الأعراب قوله تعالى : ” وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ” ( هود : 44 ) حتى انطلق قائلا : أشهد أن هذا كلام رب العالمين لا يشبه كلام المخلوقين ، وإلا فمن ذا الذى ينادي الأرض أن تبلع ماءها فتبلع ؟ وينادي السماء أن تقلع عن إنزال الماء فتقلع ؟ ويأمر الماء أن يغيض فيطيع ويسمع ؟ ويأمر السفينة أن ترسو على مكانها الذى أراده فتفعل ؟ إنه رب العالمين الذى تسبح له السماوات والأرض ومن فيهن ، ويسجد له الكون كله.
وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته ، يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” إِنَّ للَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَنْ هُمْ ؟ قَالَ : ” أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ مِنْ أَهْلِ اللَّهِ وَخَاصَّتِهِ ” ، ومن قرأ القرآن كان له بكل حرف حسنة ، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم ) : ” مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ” .
والقرآن الكريم يرفع من شأن صاحبه في الدنيا والآخرة ، فعن عبد الله بن عمر ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ” يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ” ، ومما يؤكد علو منزلة حامل القرآن ما كان من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مع أبي بن كعب ، حيث قال ( صلى الله عليه وسلم ) لأبيّ : ” إني أمرت أن أعرض عليك القرآن ، فقال أبيّ (رضي الله عنه) : عليّ أنا يا رسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : نعم عليك أنت يا أبيّ ، فقال أبيّ : أذكرت لك باسمي يا رسول الله ؟ فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : نعم لقد ذُكرت لي باسمك ونسبك في الملأ الأعلى يا أبيّ ” .
ومن باب العناية بالقرآن وإكرام أهله وحفظته وبخاصة الناشئة تأتي المسابقة العالمية الحادية والعشرون للقرآن الكريم التي تتبناها وزارة الأوقاف المصرية على مدار أسبوع كامل ابتداءً من غد السبت 5 من جمادى الآخرة 1435هـ الموافق 5/4 /2014 مـ ، بمشاركة متسابقين و محكمين من نحو 50 دولة منها 22 دولة إفريقية وتدور حول أربع مستويات :
الأول : حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويد و الترتيل وبيان أسباب النزول .
الثاني : حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويدوالترتيل وتفسير الجزء الثلاثين .
الثالث : حفظ عشرين جزءاً من القرآن الكريم متصلة مع الترتيل و التجويد .
الرابع: حفظ ثمانية أجزاء متصلة من الجزء الثالث و العشرين إلى الجزء الثلاثين.
وتأتي هذه المسابقة في هذا التوقيت الهام لتحمل عدة دلالات منها :
1- أن مصر بلد الأمن والأمان وستظل بإذن الله تعالى ، حيث يأتي عقد هذه المسابقة بعد عشرة أيام فحسب من عقد المؤتمر العالمي الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي أشاد من حضره من الوزراء والعلماء والمفتيين بالأمن والأمان في مصر .
2- أن مصر بلد الإيمان والإسلام ، وستظل على العهد وفية لدينها ولأمتها ، ولخدمة كتاب ربها ، فهي كما قال شيخنا وإمامنا الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله ) : البلد الذي صدّر علم الإسلام حتى إلى البلد الذي نزل فيه الإسلام.
3- أن القيادة الدينية والسياسية معًا في مصر على العهد في خدمة القرآن الكريم وخدمة الوطن ، وكل ما يرفع من شأن مصر ويعمل على استعادة مكانتها العالمية ، وريادتها العربية ، والإسلامية ، والدينية ، والثقافية ، ولا سيما إذا ما تعلق الأمر بحفظ كتاب الله عزّ وجلّ وإكرام أهله والحافظين له .
علمًا بأن هذه ليست المسابقة الوحيدة التي تقوم بها وزارة الأوقاف لخدمة كتاب الله (عزّ وجلّ) ، بل هي واحدة من مسابقات عديدة لخدمة ديننا وكتاب ربنا عزّ وجلّ .