علماء القافلة الدعوية الثانية عشرة المشتركة بين الأزهر والأوقاف يؤكدون : في السادس من أكتوبر سطرت الجندية المصرية أَسمى معاني البطولة والفداء وواجبنا تجاه وطننا مواصلة العبور نحو التنمية والبناء
برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر , ومعالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف , انطلقت اليوم الجمعة 4 / 10 / 2019م القافلة الدعوية الثانية عشرة المشتركة بين علماء الأزهر ووزارة الأوقاف إلى مدينة “القاهرة الجديدة” بمحافظة القاهرة , لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان:” منزلة الشهداء والتضحية في سبيل الوطن”, وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة , ونشر الفكر الوسطي المستنير , وبيان يسر وسماحة الإسلام , ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية ، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا.
فمن على منبر مسجد “طلعت مصطفى” بمدينة الرحاب أكد د / عماد عبد النبي محمود بجامعة الأزهر أن الشعب المصريَّ يحتفل في هذه الأَيام بذكرى من أعظم الذكريات الخالدة في تاريخه ، وبيوم من أيام الله (عز وجل) الذي امتن فيه ربنا على مصر بالنصر واسترداد الأرض والكرامة معًا ، إنها ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر 1973م- العاشر من رمضان 1393هـ ، هذه الملحمة الكبرى التي سطرت فيها الجندية المصرية أَسمى معاني البطولة والفداء والتضحية ، وتجلى فيها معدن الجندي المصري الأصيل بإيمانه بالله )عز وجل( وثقته في نصرالله تعالى له، وصدقه مع نفسه ، وقوة عزيمته وإرادته في تحقيق هدفه وَمراده ، فحين تكون الأهداف سامية ، والمقاصد شريفة، والغايات نبيلة؛ فإن التضحيات لا بد أن تكون غالية ونفيسة ، وليس أَغلى ولا أَنفس ولا أَجل من التضحية بالنّفس طلبا للشهادة في سبيل الله تعالى ، فيبذل المرء روحه دفاعًا عن دينه ، وأرضه ، وعرضه ، وذودًا عن حياض وطنه ؛ لينال مقاما عليا وهو مقام الشهادة.
ومن على منبر مسجد “أحمد عفيفي” بمدينة الرحاب أكد الشيخ / وجيه رمضان صابر بمجمع البحوث الإسلامية أن مقام الشهادة منحة ربانية وهبة إلهيةٌ ، يمتن الله (عز وجل) بها على أحب خلقه إليه بعد النبيين والصديقين ، قال تعالى”: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا” ، فاختيار الله سبحانه وتعالى لإنسان ما ليكون شهيدًا لهو أَدل دليل على رضا الله (عز وجل) عنه ، وأي درجة أسمى من هذه الدرجة ؟ وقد ألمح القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى “:وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ” ، فالشهيد ضحى بنفسه في سبيل إرضاء ربه ودفاعًا عن وطنه، وآثر الآخرة على الدنيا واستعلى وانتصر على شهواته ورغباته ، وخاض غمار المعارك فداء للدين وللوطن .
ومن على منبر مسجد ” خالد بن الوليد” بمدينتي أكد د/ أحمد عبد الكريم أحمد بمجمع البحوث الإسلامية أن الشهيد الحق هو من أخلص لله وضحى في سبيله ، وبذل نفسه وجاد بها في سبيل إعلاء كلمة الله ، والدفاع عن أرضه، ورفع راية وطنه ، فعن أبي موسى(رضي الله عنه) ، قال: جاء رجلٌ إلى النبي (صلى الله عليه وسلم( ، فَقَالَ : “الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله ،كما أن الشهيد الحق هو الذي لا يرضى الدنية بكل صورها ، ويرفض المذلة والهوان ، ويقاوم كل من يحاول أن يعتدي على ماله أو متاعه ، فعن أبى هريرةَ (رضي الله عنه ) قال : جاء رجل إلى رسول الله )صلى الله عليه وسلم( ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مالي؟ قَالَ: « فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ »، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ» ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيدٌ» ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «فَهُوَ فِي النَّارِ».
ومن على منبر ” المسجد الجامع ” بمدينتي أوضح د/ ربيع عبد الرازق غازي بمديرية أوقاف القاهرة أن الشهيد الحق هو الذي يدافع عن أَرضه وعرضه ووطنه ، فالدفاع عن الوطن والعرض عند المسلم الحق كالدفاع عن النفس والدين والمال ؛ لأن الدين لا بد له من وطن يحمله ويحميه ، فعن سعيد بن زيدٍ (رضي الله) عنه قال : قال رسول الله ) صلى الله عليه وسلم ) قال: ” مَنْ أُصِيبَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ أُصِيبَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ أُصِيبَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ” .
ومن على منبر مسجد ” القدس” بالتجمع الخامس ذكر الشيخ / عبد الفتاح عبد القادر جمعة بالديوان العام أن للشهيد عند ربه ست خصال جاءت مبينة في حديث المقدام بن معد يكرب (رضي الله عنه) حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) : ” لِلشَّهِيدِ عندَ اللهِ ستُّ خصالٍ: يُغفرُ لهُ في أولِ دفعةٍ ، ويَرى مقعدَهُ منَ الجنةِ ، ويُجارُ منْ عذابِ القبرِ ، ويأمنُ منَ الفزعِ الأكبرِ ، ويُوضعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ ، الياقوتةُ منها خيرٌ منَ الدنيا وما فيها ، ويُزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ ، ويُشفَّعُ في سبعينَ منْ أقاربِهِ -وَفِي لَفْظٍ- مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ” ، ومن ألوان الكرامة أيضًا: أن الملائكة تظله بأَجنحتها؛ فعن سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) أنه قال : ” جيء بأبي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) – أَيْ: شَهِيدًا يَوْمَ أُحُدٍ- قَدْ مُثِّلَ بِهِ ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ ، فَنَهَانِي قَوْمِي ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَوْتَ صَائِحَةٍ ، فقال : لما تَبْكِينَ؟ فَلا تَبْكِي ، مَا زَالَتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّه بِأَجْنِحَتِهَا” ، والشهيد في سبيل الله مع أول زمرةٍ تدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب ، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص )رضي الله عنهما( قال : سمعت رسول اللَّه)صلى الله عليه وسلم( يقول : ” إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْعُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْجَنَّةَ، فَتَأْتِي بِزُخْرُفِهَا وَرِيِّهَا ، فَيَقُولُ : أَيْنَ عِبَادِيَ الَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَقُتِلُوا فِي سَبِيلِي ، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ، وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِي ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ، فَيَدْخُلُونَهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ ، فَتَأْتِي الْمَلائِكَةُ ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا نَحْنُ نُسَبِّحُ لَكَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَنُقَدِّسُ لَكَ ، مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ آثَرْتَهُمْ عَلَيْنَا ؟ فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هَؤُلاءِ الَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِي ، وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ، فَتَدْخُلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ مِنْ كُلِّ بَابٍ ” سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار ” .
ومن على منبر مسجد ” الرحمن ” بالرحاب أكد الشيخ/ أحمد حامد حسن بديوان عام الوزارة أن الشهداء لهم في الجنة أحسن الدور وأفضلها ، فعن سمرة بن جندب (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول اللهِ (صلى الله عليه وسلم ) : ” رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةِ فَأَدْخَلانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا ، قَالا لِي: أَمَّا هَذِهِ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ” ، ولهذا كله كان الشهيد وحده هو الذي يحب أن يرجع إلى الدنيا ، فيقتل في سبيل الله مرةً أُخرى ، كما في حديث سيدنا أَنسٍ (رضي الله عنه) أَن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : “مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلا الشَّهِيدُ ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرّاتٍ ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ” ، وفي روايةٍ: “لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ.
ومن على منبر مسجد ” طيبة” بالتجمع الخامس أوضح د/ مصطفى عبد السلام محمد بمديرية أوقاف القاهرة أن بلوغ الأهداف الكبرى ونيل الغايات العظمى في هذه الحياة يستلزم تضحيات جساما مكافئة لها، ولا ريب أَن سمو الأهداف وشرف المقاصد ونيل الغايات ، يقتضي سمو التضحيات وشرفها ، ورقي منازلها ، وهذا حال كل من ضحى في سبيل دينه ووطنه ، وإن واجبنا تجاه وطننا العزيز وديننا القويم أن نسعى جاهدين متعاونين متكاتفين جميعًا ، إلى حماية أمنه والدفاع عنه ، وحمايته من أَي عدوٍ يناوئه، أَو أَي خطر يتهدده ، وأن نكون عيونًا ساهرة لحماية أمنه ، وأن نتكاتف جميعًا وبلا استثناء على ردع كل من تسول له نفسه أن يجترئ على وطننا ، كل على قدر وسعه ، وفي نطاق عمله ومسئولياته .
ومن على منبر مسجد ” فاطمة الشربتلي” بالتجمع الخامس قدم الشيخ/ محمود رضا إبراهيم بمجمع البحوث الإسلامية التهنئة لأبطال مصر البواسل الذين اعتصموا بحبل الله تعالى ، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه ، واستطاعوا بعزيمة قوية ويقين ثابت راسخ أن يعبروا ببلدنا الحبيبة مصر نحو البناء والتعمير ، وكل التحية للقوات المسلحة الباسلة في يوم نصرها المجيد ، مبينا أن علينا دورا آخر ، وهو الانطلاق والعبور إلى بر التنمية والرخاء ، والعمل والإنتاج ، لنثبت للدنيا كلها أَن من عبروا خط بارليف الحصين واقتَحموا حصون النيران في هذا اليوم المجيد أولادهم وأحفادهم قادرون على اقتحام كل الصّعاب في سبيل تحقيق الأمن والأمان والتنمية والرخاء بإذن الله تعالى، وأن نكون صفًا واحدًا خلف قيادتنا السياسية الحكمية ، وقواتنا المسلحة الباسلة ، وشرطتنا الوطنية ، وسائر مؤسسات الدولة الوطنية .