خلال برنامج ندوة للرأي من مسجد مولانا ” الإمام الحسين “(رضي الله عنه) بمحافظة القاهرة
علماء الأوقاف يؤكـدون :
انتصارات أكتوبر المجيدة سطرت بدماء الأطهار
وواجبنا مواصلة العطاء تجاه وطننا
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة , وفي إطار الدور التثقيفي والتنويري الذي تقوم به وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني , ونشر الفكر الوسطي المستنير , وبالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام , وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري , نظمت وزارة الأوقاف مساء أمس الثلاثاء 1 / 10 / 2019م بعد صلاة المغرب من مسجد مولانا ” الإمام الحسين” (رضي الله عنه) بمحافظة القاهرة ندوة للرأي بعنوان : “ منزلة الشهداء والتضحية في سبيل الوطن ” ، حاضر فيها كل من : الشيخ/ السيد محمد عبد اللطيف إمام وخطيب بمديرية أوقاف الإسماعيلية , والشيخ/ عبد الرحمن عبد الرحمن خميس إمام وخطيب بمديرية أوقاف القاهرة , وبحضور جمع غفير من رواد المسجد ، حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم والتعرف على مبادئ الدين الحنيف ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ / عمر حرب .
وفي بداية كلمته أكد الشيخ/ السيد محمد عبد اللطيف أننا نحتفل في هذه الأيام بذكرى هي من أعظم الذكريات العظيمة والمجيدة في تاريخ أمتنا المصرية حيث امتن الله (عز وجل) على مصرنا الغالية بالنصر العظيم واسترداد الأرض والكرامة معا ، إنها ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر سطرت فيها الجندية المصرية أسمى معاني البطولة والفداء والتضحية ، مبينا أن مقام الشهادة من أعلى مقامات الاصطفاء والاجتباء التي يمتن الله (عز وجل) بها على من يشاء من خلقه ، وتحدث عنها القرآن الكريم في آيات كثيرة فقال تعالى : “وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا”، فاختيار الله سبحانه وتعالى لإنسان ما ليكون شهيدًا لهو أدل دليل على رضا الله (عز وجل) عنه ، وأي درجة أسمى من هذه الدرجة ؟ وقد ألمح القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} ، فالشهيد ضحى بنفسه في سبيل إرضاء ربه ودفاعًا عن وطنه ، وآثر الآخرة على الدنيا واستعلى وانتصر على شهواته ورغباته ، وخاض غمار المعارك فداء للدين والوطن .
وفي ختام كلمته أكد أن من كرامة الشهداء عند ربهم أن لهم حياة لكن ليست كحياتنا ، حياةً تفوق إدراك البشر قال تعالى: “وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَات بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ”، وعن سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ لِي: “يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا”؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: “أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ “؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : “مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا” – أي : مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول- فَقَالَ: ” يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ” ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً ، قَالَ الرَّبُّ (عَزَّ وَجَلَّ) : “إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ” قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”، وهم أيضًا في ذاكرة الأمة أحياء لا تُنسى ذكراهم بمرور الأزمنة وتوالي الدهور والعصور .
وفي كلمته أكد الشيخ / عبد الرحمن عبد الرحمن خميس أن انتصارات أكتوبر المجيدة سطرت بدماء الأطهار ، و أن الله (عز وجل) خصَّ الشهداء بمناقب عديدة منها : شرف مكانهم وجوارهم ، وعظيم أجرهم ونعيمهم ، قال تعالى: “وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُــمْ أَجْـرُهُمْ وَنُـورُهُــمْ” فأكرم به من شرف و أعظم به من جوار ، ولا أدل على عظم هذا الشرف وهذه المكانة من حـرص النبي (صلى الله عليه وسلم) على الشهــادة في سبيل الله (عز وجل) حيث قال (صلى الله عليه وسلم) : “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ” ، ومنها : أن للشهيد عند ربه ست خصال حيث قال سيدنا رسول اللهِ (صلى الله عليه وسلم) : ” لِلشَّهِيدِ عندَ اللهِ ستُّ خصالٍ: يُغفرُ لهُ في أولِ دفعةٍ ، ويَرى مقعدَهُ منَ الجنةِ ، ويُجارُ منْ عذابِ القبرِ ، ويأمنُ منَ الفزعِ الأكبرِ ، ويُوضعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ ، الياقوتةُ منها خيرٌ منَ الدنيا وما فيها ، ويُزوَّجُ اثنتينِ وسبعينَ زوجةً من الحورِ العينِ ، ويُشفَّعُ في سبعينَ منْ أقاربِهِ -وَفِي لَفْظٍ- مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ”، ومن مناقب الشهداء أيضًا : أن الملائكة تظله بأجنحتها فعن سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) أَنَّهُ قال : “جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم)- أَيْ: شَهِيدًا يَوْمَ أُحُدٍ- قَدْ مُثِّلَ بِهِ ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ ، فَنَهَانِي قَوْمِي ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَالَ: “لِمَا تَبْكِينَ؟ فَلا تَبْكِي ، مَا زَالَتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّه بِأَجْنِحَتِهَا”.
كما أكد فضيلته أن واجبنا في هذه المرحلة التي يمر بها وطننا العزيز أن نسعى جميعًا لحمايته والدفاع عنه من أي عدو أو خطر يهدد أمنه واستقراره ، والعمل بكل ما أوتينا من قوة في مواصلة مسيرة البناء والتعمير ، فديننا فن صناعة الحياة لا صناعة الموت، ودين البناء والتعمير لا الإفساد والتخريب ، فعلينا أن نتكاتف جميعًا لردع كل من تسول له نفسه أن يجترئ على وطننا الذي تحيط به مخططات متنوعة ، هدفها النيل من مصر وأرضها وشعبها ، يقف أمامها المخلصون من أبناء مصر فيقدمون أرواحهم ودماءهم وأموالهم دفاعًا عنها وحماية لأرضها ، فمصر هي درع العروبة والقلب النابض للإسلام ، والدفاع عنها واجب شرعي ووطني ، وحق ديني ، فلنقف جميعًا صفًّا واحدًا في سبيل الدفاع عنها من فساد المفسدين ومكر الماكرين وحقد الحاقدين ، وواجبنا مواصلة العطاء تجاه وطننا.