خــلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد السلطان الحنفي بالقاهرة
علمـاء الأوقــاف يـؤكــدون :
نعمة الأمن والأمان من أعظم نعم الله تعالى علينا
ومن تمام شكر الله تعالى على نعمه استعمالها فيما خلقت له
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد السلطان الحنفي بمديرية أوقاف القاهرة تحت عنوان: ” فضل شكر نعمة الله (عز وجل) وثمرته” عقب صلاة المغرب مساء أمس السبت 28 / 9 / 2019م ، ويأتي ذلك في إطار دور وزارة الأوقاف ، واستمرارًا لرسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم ، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي جاء بها ديننا الحنيف ، وحاضر فيها كل من: د / محمد جمال عبد اللطيف إمام مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) ” ، والشيخ/ حمدي علي محمد إمام وخطيب بمديرية أوقاف القاهرة ، والشيخ /عمرو محمد عبد الحميد إمام المسجد ، وحضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي .
وفي كلمته أكد د / محمد جمال عبد اللطيف ، أن الله (عز وجل) أنعم على الإنسان بنعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى ، وهذه النعم قد يرى الإنسان بعضها رأي العين ، ويخفى عليه الكثير منها ، وكلُّ نعمة من هذه النعم تقتضي أن يفكر فيها الإنسانُ ، حتى يدرك أسرارها وقيمتها وأهميتها ، ويتدبر عظيم نعم الله (عز وجل) عليه قال تعالى:{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، وقال سبحانه :{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}، مبينًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) علمنا كيف نؤدي شكر الله تعالى على نعمه ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ الْبَيَاضِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : (مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ : اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِى فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ) .
وفي كلمته أشار الشيخ/ حمدي علي الجهيني إلى أن القرآن الكريم عُني بالحديث عن الشكر عناية واضحة فذكره في مواطن كثيرة من آياته ، وطلب من عباده أن يتحلوا به ويحرصوا عليه ، لما له من أهمية كبرى ومنزلة عظمى ، فهو قيد للنعم الحاضرة ، ومجلبة للنعم المفقودة ، قال تعالى :{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} ، قرنه بالذكر وأمر بهما معًا ، وقال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ، مبينًا أنه من تمام شكر الله تعالى على نعمه أن يستعمل الإنسان نعم الله (عز وجل) فيما خلقت له ، فالعين نعمة وشكرها أن يستعملها في النظر إلى ما أحله الله ، واليد نعمة وشكرها أن يستعملها في الطاعة لا في المعصية ، والأذن نعمة وشكرها أن يستعملها في الاستماع إلى ما يعود عليه بالثواب من الله (عز وجل) ، والعقل نعمة وشكرها أن يستعملها في التفكير السليم الذي يعود عليه وعلى المجتمع كله بالخير والرخاء ، وكذلك المال نعمة وشكرها أن يُوجَّه للخير في مصالح العباد والبلاد ، وغير ذلك من النعم ، فكلها نعم سامية يجب أن يشكر الإنسان عليها ربه (عز وجل) بتسخيرها للخير ونفع العباد ، وكذلك كل نعمة أنعم الله بها على الإنسان يجب أن يستعملها في طاعة الله سبحانه ، يقول عز وجل:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وفي كلمته أكد الشيخ / عمرو محمد عبد الحميد أن نعم الله (عز وجل) على عباده لا تحصى ولا تعد ، وكل هذه النعم تحتاج إلى شكر ، فالشكر لا يكون على نعمة المال فحسب , إنما يكون على سائر النعم , فالمال نعمة , والصحة نعمة, والأبناء نعمة , والزوجة الصالحة نعمة , والصديق الوفي نعمة , والخلق الحسن نعمة , وراحة البال من أكبر النعم وأجلها , والرضا بما قسم الله من أجمل النعم ، والجار الكريم نعمة , والمواهب نعم , وصدق الله (عز وجل) إذ يقول : “وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا” , وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول للسيدة عائشة (رضي الله عنها) : ” يَا عَائِشَةُ أَحْسِنِي جِوَارَ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّهَا قَلَّ مَا نَفَرَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ فَكَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِمْ” .
مبينا أن من أعظم النعم التي تستحق الشكر هي نعمة الأمن والأمان التي تستحق أعلى درجات الشكر , حيث يقول سبحانه : ” لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ” , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سربِهِ ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا” ، فلا بد أن نشكر الله (عز وجل) على ما أنعم به علينا من أمن واستقرار , سائلين الله (عز وجل) أن يديم على مصر أمنها وأمانها وسلامها.