خلال برنامج ندوة للرأي بمسجد صلاح الدين المنيل – القاهرة
علماء الأوقاف يؤكـدون :
نعمة الأمن والاستقرار من أكبر نعم الله تعالى علينا
وشكر نعمة الوطن يستوجب العمل والاجتهاد
ومواجهة دعاة الفتن والتخريب
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة ، وفي إطار الدور التثقيفي والتنويري الذي تقوم به وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني ، ونشر الفكر الوسطي المستنير ، وبالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام ، وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، نظمت وزارة الأوقاف مساء أمس الثلاثاء 24 / 9 / 2019م عقب صلاة المغرب من مسجد ” صلاح الدين ” بالمنيل بمحافظة القاهرة ، ندوة للرأي بعنوان:” فضل شكر نعمة الله (عز وجل) وثمرته” حاضر فيها كل من : الشيخ/ محمد إسماعيل محمد إمام وخطيب بمديرية أوقاف الشرقية ، والشيخ/ ضياء سيد نور الدين إمام وخطيب بمديرية أوقاف القاهرة ، وبحضور جمع غفير من رواد المسجد ، حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم ، والتعرف على مبادئ الدين الحنيف ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ / عمر حرب .
وفي كلمته أكد الشيخ/ محمد إسماعيل محمد أن الشكر عبادة عظيمة ، ومنزلة سامية رفيعة لا يَبْلُغُها إلا منْ مَنَّ الله تعالى عليه بِالهداية ، فشكر اللهِ تعالى من كمال الإيمانِ ، وحسن الإسلام ، وهو شطرُ الدين ؛ لأنَّ العبدَ تكون حاله إما ضراء فيصْبر، وإمَّا سراء فيشكُر ، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ! وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ” ، مبينًا أن الشكر من صفات الله تعالى ، ومن أسمائه سبحانه الشاكر والشكور ، قال تعالى : ” إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ” ، وقال سبحانه :” إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ” ، وكذلك وصف الله تعالى به أنبياءه ورسله ، فكان الشكر خلقًا لازمًا لأنبياء الله (عليهم السلام)، قال تعالى عن سيدنا نوح ( عليه السلام) : ” ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ” ، وقال سبحانه عن سيدنا إبراهيم (عليه السلام) : “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” ، وسيد الشاكرين نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو الذي غفرَ الله له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخَّر ، فيقومُ لربِّه من الليل حتى تتفطَّر قدماه ، وعندما سئل عن ذلك قال(صلى الله عليه وسلم) :” أفلا أكونُ عبدًا شكورًا؟” ، فعن السيدة عائشة (رَضي اللَّه عنها) أَنَّ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم) كَان يقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تتَفطَرَ قَدمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ، لِمْ تصنعُ هَذَا يَا رسولَ اللَّهِ، وقدْ غفَرَ اللَّه لَكَ مَا تقدَّمَ مِنْ ذَنبِكَ وَمَا تأخَّرَ؟ قَال : ” أَفَلا أكُون عبْداً شكُورًا؟.
وفي ختام كلمته أشار إلى أن الله تعالى حذرنا من الجحود وكفر النعم ، لأنه سبب لحلول النقم فقال تعالى : “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ” ، ومن تمام الشكر أن نشكر الله تعالى على نعمة الأمن والأمان ، فهي من أجل النعم وأجملها تستحق منا أعلى درجات الشكر , حيث يقول سبحانه : ” لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ” , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سربِهِ ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا” .
وفي كلمته أكد الشيخ / ضياء سيد نور الدين أن الله (عز وجل) ينعم علينا بنعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى ، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، وأكبرُها نعمة الإسلام والهداية ، وأقلّ ما يمكن فعله للاعتراف بهذا الفضل العظيم هو شكرُه تعالى على نعمه ، والعمدة في شكر هذه النعم استعمالها فيما خلقت لأجله ، والإذعان لمانحها سبحانه وتعالى ، فحقيقة الشكر: أن تكون حركات العبد وسكناته وخواطره ومشاعره وما يتمتع به من نعم موجهة للخير وفي سبيل الله ومن أجل مرضاة الله ، موضحا أن لشكر هذه النعم ثمرات وفوائد متعددة، وهذه الثمرات لا يعود شيء منها لله ، بل هي للعباد خاصة ، فالشكر يعود بالخير على الشاكر نفسه ، فلا يقع نفع الشكر ، ولا ضرر الكفران على الله تعالى ، وإنما النفع يقع على الشاكر نفسه ، وضرر الكفران يقع على الجاحد نفسه ، قال سبحانه: ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) ، ومن ثمرات الشكر : حفظ النعم من الزوال ، فعَنِ الْحَسَنِ (رضي الله عنه) قَالَ: ” إِنَّ اللَّهَ لَيُمَتِّعُ بِالنِّعْمَةِ مَا شَاءَ ، فَإِذَا لَمْ يُشْكَرْ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ عَذَابًا “، وكان عُمَر بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ (رضي الله عنه) يَقُولُ:” قَيِّدُوا النِّعَمَ بِالشُّكْرِ “.
وفي ختام كلمته أشار إلى أنه من أعظم نعم الله تعالى علينا نعمة الوطن ، وإذا أردنا أن نتحدث عن شكر الوطن ورد جميله فإن ذلك يتطلب منا أن نعمل على بنائه وأن نجتهد في ذلك , وأن نقف في وجه المخربين ودعاة الفتن والهدم , وأن نشكر الله (عز وجل) على ما أنعم به علينا من أمن واستقرار , سائلين الله (عز وجل) أن يديم على مصر أمنها وأمانها وسلامها.