وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة من مسجد ” ناصر ” بمحافظة البحيرة : الكبر أعلى درجات كفران النعمة وللكبر أنواع كثيرة أشدها التكبر عن سماع الحق
الجماعات الضالة والمتطرفة يصدون بأفعالهم
عن دين الله (عز وجل) ويقولون ما ليس لهم به علم
نتعرض لمحاولات تغييب وتزييف للوعي
من خلال الافتراءات والأكاذيب
وقلب الحقائق لإحداث نوع من الفوضى
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، ألقى معالي وزير الأوقاف أ. د/ محمد مختار جمعة اليوم الجمعة 20/ 9 / 2019م خطبة الجمعة بمسجد “ناصر” بمحافظة البحيرة بمناسبة احتفال المحافظة بعيدها القومي تحت عنوان : ” مظاهر الكبر والاستعلاء والصد عن دين الله (عز وجل)”، بحضور السيد اللواء/ هشام آمنه محافظ البحيرة ، وأ.د/ شوقي علام مفتي الجمهورية ، و أ. د/ عبيد صالح رئيس جامعة دمنهور ، وفضيلة الشيخ / محمد شعلان مدير مديرية أوقاف البحيرة , والسادة أعضاء مجلس النواب ، ولفيف من القيادات التنفيذية، والشعبية بالمحافظة.
وفِي بداية الخطبة أكد معالي وزير الأوقاف أ. د/ محمد مختار جمعة أن العظمة والكبرياء لله وحده يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم) :يقول الله تعالى:” الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار” ، وأن الكبر من أخص صفات إبليس ، وهو أول ذنب عُصي به الله (عز وجل) , وذلك لما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس قال تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ”، وقد سئل أحد العلماء عن السيئة التي لا تنفع معها حسنة ؟ قال : الكبر .
مبينًا معاليه أن الكبر والاستعلاء لهما أسباب كثيرة ، منها: المال أو الولد ، مع أن المال والولد نعمة من الله (عز وجل)، والاستعلاء بهما كفران للنعمة وتحويلهما من نعمة إلى نقمة ومعصية ، ومن أسباب الاستعلاء والكبر الغرور بالعقل ، مع أن العقل والذكاء قد يكونان من أعظم الجناة على صاحبه، وقد تجد ذكيًّا لبيبًا فطنًا ومع ذلك ليس له حظ من العيش ، وآخر ليس له حظ من الذكاء والعقل ومع ذلك له مال وحظ من الغنى ، وتلك عدالة الله تعالى، ولكن بعض الناس وقع فيما وقع فيه قارون ، فتكبر على الناس بما منَّ الله عليه وأعطاه من المال، فينبغي أن يعتبر بعاقبة قارون ، وما وقع له من الخزي العظيم ، قال تعالى: “فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ”.
وفي سياق متصل ذكر معاليه نموذجا رائعا لمن يتعالى بملكه ، وهو صاحب الجنتين كما في سورة الكهف والذي تكبر على صاحبه ، قائلا كما حكاه القرآن الكريم :” أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا” ، بل تطاول على الذات العلية (سبحانه وتعالى) , قائلا :” وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً “، فكان عاقبته أن أبيد زرعه وهلك ماله ، قال تعالى: ” وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ، وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ، وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ، وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا، قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ، لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ، وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ، فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ، أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا، وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا”.
مؤكدًا معاليه أن التكبر والاستعلاء على الناس هو أعلى درجات كفران النعمة ، وقد يكون في الأفراد والدول والأمم ، وكم من أمة تكبرت فكان عاقبة أمرها خسرا، وخير دليل على هذا عاد التي لم يخلق مثلها في البلاد، يقول تعالى : “فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ” ، ولن تجد لسنة الله تبديلًا ولا تحويلًا.
كما أشار معاليه إلى أن أشد أنواع الكبر هو الكبر عن سماع الحق ، والرجوع إليه ، يقول تعالى:” وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ” ، مبيناً أن ديننا الحنيف هو دين القيم والأخلاق ، وقد انتشر الإسلام في إندونيسيا عن طريق ستة من التجار ، صدقوا في أقوالهم وأفعالهم ، فدخل الناس في دين الله أفواجا، وأصبحت إندونيسيا من أكثر دول العالم إسلاما ، أما أولئك الذين يتاجرون بدين الله تعالى من الجماعات الضالة والمتطرفة وتكون أقوالهم مخالفة لأفعالهم فإنهم يصدون عن دين الله، وعن شريعته السمحة ، ويقولون ما ليس لهم به علم .
وفي ختام خطبته أكد معاليه أننا نتعرض لمحاولات تغييب وتزييف للوعي من خلال الافتراءات والأكاذيب ، وقلب الحقائق لإحداث نوع من الفوضى ، لهذا ينبغي أن نتثبت من الأقوال والأخبار، قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”، ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم ) : ” كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع”، كاشفا معاليه أن وزارة الأوقاف قد خصصت الجمعة المقبلة بإذن الله تعالى للتوعية بمخاطر تزييف الوعي وترويج الشائعات لتبصير المسلم بواجبه وتحذيره من خطر تناقل الشائعات دون تثبت.