خلال برنامج ندوة للرأي بمسجد ” أسد بن الفرات بالجيزة ” تحت عنوان : ” خطورة الشائعات وضرورة تحري الصدق ”
الشيخ / رزق رجب عبد الموجود :
الإنسان الذي يردد الشائعات والكلام دون تثبت
أشد خطرًا على المجتمع من العدو المباشر
الشيخ/ حمدي ربيع عبدالله :
الشائعات أشد ضراوة على اقتصاد الأمم
من الحروب المعلنة
ومن يطلق الشائعات خائن لبلده
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة , وفي إطار الدور التثقيفي والتنويري الذي تقوم به وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني , ونشر الفكر الوسطي المستنير , وبالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام , وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري , نظمت وزارة الأوقاف ندوة للرأي بعنوان :” خطورة الشائعات وضرورة تحري الصدق” مساء أمس الثلاثاء 17 / 9 /2019م ، من مسجد أسد بن الفرات بمحافظة الجيزة ، حاضر فيها كل من : الشيخ/ رزق رجب عبد الموجود إمام وخطيب بمديرية أوقاف بني سويف ، والشيخ حمدي ربيع عبد الله إمام وخطيب بمديرية أوقاف الفيوم ، بحضور عدد من قيادات الدعوة بالمديرية , وجمع غفير من رواد المسجد , وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب الذي أشاد بعنوان الندوة حيث إن الشائعات لا تبنى مجتمعًا ، وأن تحري الصدق يسهم بشكل كبير في بناء المجتمع ، ويعزز القيم الأخلاقية والسلوكية.
وفي بداية كلمته أكد الشيخ/ رزق رجب عبد الموجود أن نعم الله لا تعد ولا تحصى ، ومن بين هذه النعم نعمة البيان ، قال تعالى: ” الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ “، وهذا البيان يعبر عن ما يدور بالعقل من أفكار ومعتقدات ، ومن أهم الوسائل التي يعبر بها الإنسان عن هذه الأفكار اللسان ، وهو إما أن ينطق بكلمة طيبة ، أو بكلمة خبيثة ، وللكلمة أثرها على النفس ، فالكلمة الطيبة تبني وتعمر وتصلح قال تعالى :” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ”، والكلمة الخبيثة تهدم وتخرب وتفسد بين الناس قال تعالى: ” وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ” فينبغي على الإنسان أن يعلم أنه مُراقب من الله (عز وجل) قال تعالى: “مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) :” إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ” ، والإنسان الذي يردد الشائعات والكلام دون تثبت أشد خطرا على المجتمع من العدو المباشر ، وأن الشائعات خطر داهم يوقع الأمة في مآزق كبيرة ، فهي تجلب الفوضى والاضطرابات ، وتفسد القلوب , وتشعل نار الفتنة , وتدمر العلاقات ، مشيرا إلى أن الإسلام ربى أبناءه على حسن الخلق وضرورة تدبر الكلام قبل النطق به ، فالدين هو المعاملة الحسنة ولو بالكلمة الطيبة ، وعلينا أن نتثبت عند سماعها ، ولا ننساق وراءها ولا نرددها قال تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”، والإسلام قد اتخذ موقفًا حازمًا من الشائعات ومروجيها ، وعدها سلوكًا منافيًا للأخلاق الحسنة ، والقيم النبيلة ، وأمر بحفظ اللسان عن الخوض فيما ينشر الفتنة ، والصدق في القول ، والتثبت من كل ما يصل إلى أسماعهم ، حتى لا يكونوا سببًا في نشر الفتن ، وإفساد المجتمع ،وتشويه الأعراض قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ” ، وقال سبحانه: ” وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا “.
وفي ختام كلمته حث على تحري الصدق , وعدم الانسياق وراء مروجي الشائعات , ووجوب التحقق من أي خبر يتم نشره حتى يعيش المجتمع في سلم وأمن واستقرار.
وفي بداية كلمته أكد الشيخ/ حمدي ربيع عبدالله أن الصراع بين الحق والباطل قديم قدم البشرية ، ومستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ومن أبرز وسائل أهل الباطل في صراعهم مع أهل الحق صناعة الشائعات وترويجها بين الناس ، ولكي نقضي عليها لابد أن نحيي فضيلة الصدق في النفوس ، قال (صلى الله عليه وسلم) :”عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا” ، فالصدق صفة وصف الله ( عز وجل ) بها نفسه ، ووصف بها أنبياءه وأولياءه ، مبينا أن الشائعات لها خطر عظيم ، فكم دمرت من مجتمعات وهدمت من أسر ، وأهدرت من أموال ، وضيعت من أوقات ، وحطمت عظماء وأشعلت نار الفتنة بين الأصفياء ، وأثارت فتنًا وحروبًا ، ومطلق الشائعات خائن يتلاعب بمقدرات وطنه وثروات بلده، موضحًا أن الشائعات أشد ضراوة على اقتصاد الأمم من الحروب المعلنة ، لذا حرم الإسلام نشر الشائعات ، فحرم إشاعة ما يمس أعراض الناس وأسرارهم الخاصة ، قال تعالى: “إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ” ، وقد سمى القرآن الكريم مطلقي الشائعات بالمرجفين قال تعالى :” لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إلا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً”.
وفي ختام كلمته دعا فضيلته إلى جعل الصدق عنوان حياة المسلم , وجعله الميزان الذي يزن به أقواله وأفعاله وأحواله , فإذا انتظم هذا الميزان انتظمت حياة الفرد والمجتمع .