وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة من مسجد الفتح بمحافظة الشرقية : العلم أمانة والكلمة أمانة والفتوى أمانة سد احتياجات الدول من العلوم والمعارف من فروض الكفايات
واجب الوقت للعلماء هو بيان صحيح الدين
ودحض أباطيل المتطرفين
والجرأة على المعلم أولى خطوات ضياع العلم.
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، وبيان الجوانب السمحة في الإسلام ، ألقى معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أمس الجمعة الموافق 13 / 9 / 2019م خطبة الجمعة بمسجد ” الفتح” بمنيا القمح ـ محافظة الشرقية ، تحت عنوان : “واجب المعلم والمتعلم” ، بحضور الدكتور/ ممدوح غراب محافظ الشرقية ، ود/ أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة , ود/علي مصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية , وأ.د/شوقي علام مفتي الجمهورية , وعدد من ضيوف مؤتمر الأوقاف الثلاثين الذين وصلوا إلى القاهرة لحضور المؤتمر التوجه والذين حرصوا على صحبة معالي وزير الأوقاف للمشاركة في الاحتفال بالعيد القومي لمحافظة الشرقية ومن بين هؤلاء المشاركين ، الشيخ/ نفيع الله عشيروف (روسيا)، والشيخ/ جانبولات أوختو بابيف (روسيا) ، ود/ محمد البشاري (فرنسا) ، ود/ عبد الله الشيعاني (السعودية) ، ود/ حسان موسى (السويد) ، ود/ مرزوق أولاد عبد الله (هولندا) ، ود / محمد الشريف (أمريكا) ، كما حضر اللقاء أ.د/ عثمان شعلان رئيس جامعة الزقازيق ، ود/ سعيد عامر الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية ,والشيخ / زكريا الخطيب مدير مديرية أوقاف الشرقية ، والدكتور / محمد إبراهيم حامد وكيل المديرية ، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب بالمحافظة ، ولفيف من القيادات الأمنية والتنفيذية ، والدينية ، وجمع من السادة الإعلاميين والصحفيين, وعدد من قيادات الدعوة والأئمة بالمحافظة.
وفِي بداية الخطبة أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أن الإسلام أعطى العلم أولوية كبرى وعناية خاصة , حيث يبلغ العلم بصاحبه منازل الأخيار والدرجات العالية في الدنيا والآخرة , وبه توصل الأرحام ويعرف الحلال والحرام , يرفع الله به قوما ويجعلهم في الخير قادةً وأئمه تُقتبس آثارهم ويُقتدى بفعالهم قال تعالى: ” قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا ، سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا”.
مؤكدًا معاليه أن العلم أمانة , والكلمة أمانة , والفتوى أمانة ، والشهادة أمانة , فهناك كلمة تبني أمة ، وكلمة تهدمها ؛ لذلك يقول (صلى الله عليه وسلم ) في الكلمة : ” إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم ” ، فالعاقل هو الذي فكر قبل أن يتكلم ، أما الأحمق فهو الذي يتكلم دون أن يفكر .
وفي سياق متصل أشار معاليه إلى أن العلم نوعان : علم المطلق ، وعلم النسبي ، فالعلم المطلق بيد عالم الغيب الذي لا يظهر على غيبه أحدا ، فلقد قال تعالى : “وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ” و يقول تعالى : “وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” ، فسبحان الخالق الذي يعلم كل شيء عدد أوراق الأشجار وحبات الرمال ، وهو وحده الذي يعلم علم الساعة قال تعالى: ” إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “.
ثم بين معاليه أن العلم النسبي وهو الذي يكتسبه المرء بالتعلم وهذا يحتاج إلى دأب واجتهاد ، وفي هذا يقول الشاعر :
أَخي لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ
كما أكد معاليه أن الإسلام دين البناء والتعمير في كل ما يأخذ إلى التنمية والبناء ، أما كل ما يدعو إلى الفساد والتخريب فهو طريق الخطأ وبعيد عن تعاليم ديننا الحنيف .
وفي ذات السياق أشار معاليه إلى أن بعض الناس عندما يقرؤون آيات القرآن أو الأحاديث التي تتناول العلم ربما يفهمونها بأنها علوم الفقه والتفسير والحديث فقط ، مع أن الموضوع أوسع من ذلك ، قال تعالى: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ” ، وأهل الذكر هم المتخصصون في العلوم بأنواعها ، فالمراد ليس العلم الشرعي ، وإنما هو كل علم نافع ، والمراد بالعلم النافع كل ما يحمل نفعا للناس في حياتهم ومعادهم ، في العلومِ الشرعية ، أو العربية ، أو علم الطب ، أو الصيدلة ، أو الفيزياء ، أو الكيمياء ، أو الفلك ، أو الهندسة ، أو الطاقة ، وسائر العلو م والمعارف ، فالعلم الحقيقي هو الذي يكون رحمة بين أهله يسدون به حاجات الأمة وهو من فروض الكفايات .
وفي ختام خطبته أكد معاليه أن واجب الوقت وفريضته للعلماء في هذه الأيام هو تصحيح المفاهيم الخاطئة ، مع تصحيح الصورة الذهنية المغلوطة عن الإسلام والمسلمين ، والعمل على نشر الفكر الإسلامي الصحيح ، كما علينا أن نأخذ في الاعتبار أن الجرأة على المعلم أولى خطوات ضياع العلم في أي بلد كان فعلينا أن نربي أبناءنا على احترام المعلم وتقديره .