ملخص الجلسة الصباحية الثانية لمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية (من الساعة 12:30 إلى 2:30 ظهرًا)
عقدت بعد ظهر اليوم الثلاثاء 25 / 3/ 2014 م الجلسة الصباحية الثانية من جلسات مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية برئاسة معالى الشيخ / بو عبد الله غلام الله وزير الشئون الدينية و الأوقاف الجزائرى الذى أدار الجلسة .
و تحدث أ . د ./ جعفر عبد السلام أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية عن العلاقة بين التطرف والإرهاب و التكفير قائلا : إن تكفير الناس وعدم الاعتراف بالآخر أمر بلا شك يسيئ للإسلام ووسطيته ، وقد أحسنت وزارة الأوقاف حينما اختارت موضوع التكفير والفتوى بغير علم عنوانًا لمؤتمرها العالمى ليناقش قضيةً من أخطر القضايا في هذا العصر .
كما تحدث الدكتور / مصطفى العرجاوى عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر عن الأسباب المؤدية لظاهرة التكفير قديمًا وحديثًا وقسّمها إلى أسباب عامة وأسباب خاصة ، فمن الأسباب العامة : الافتقار إلى التفكير فى القواعد والمقاصد الشرعية ، مؤكدًا أن التعصب الأعمى للجماعة أو الطائفة أو المذهب هو من الأسباب المؤدية إلى ظاهرة التكفير ، وأن ترك الشباب بلا رعاية فى بيئة غير سوية والمعاناة من الاضطهاد أو الشحن العاطفي غير المرشد ، والفراغ بلا هدف منشود ، وضعف المخزون المعرفى والشرعى ، وضعف التواصل الفكرى بين العلماء وطلبة العلم ، وكذلك الفقر والبطالة وما لهما من تداعيات على الأمة ، وحجب العقل بالتلاعب على العواطف، كل هذا يؤدى إلى التكفير ، وعن أسباب التكفير قديمًا قال : إن النزاع المسلح حول أحقية الخلافة وظهور العصبية القبلية أهم هذه الأسباب ، ثم تحدث عن الأسباب الخاصة المؤدية إلى التكفير قائلاً : إن الجهل والتقليد الأعمى واعتماد المذاهب – الشاذة – بالهوى ، والسخرية من العلماء والاستهانة بهم ، وانتشار الإلحاد ببعض المجتمعات يُعد من أهم الأسباب الخاصة.
وأضاف أن التأثير السلبى لبعض وسائل الإعلام بإثارة المشاعر ، وتأجيج التعصب فى نفوس الشباب يؤدي إلى انتشار ظاهرة التكفير .
وفى كلمته أوضح أ .د / القصبى زلط – عضو هيئة كبار العلماء أن الاختلاف العقدى سنة إلهية ، وأن الاختلاف فى الرأى طبيعة بشرية فالعقول تتفاوت ،شريطة ألا يخرج ذلك على حدود الثوابت ، وألا يصل بنا إلى استباحة الدماء أو الأعراض .
وقال : إن الصحابة على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم – اختلفوا فبعد غزوة الأحزاب أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – ألا يلقوا أسلحتهم وأن يسيروا إلى بنى قريظة وقال : [ لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قريظة ] … فاختلف الصحابة فصلى بعضهم العصر فى الطريق وأسرع الآخرون . فلما رجعوا للنبى – صلى الله عليه وسلم – لم يعنف أحدًا منهم .
وأشار أ.د/ القصبى زلط إلى أن الصحابة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – اختلفوا فى أمر تقسيم المال ، فكان أبو بكر – رضى الله عنه – يرى أن يكون هناك مساواة بين الصحابة جميعًا .. وقال بعض الصحابة : كيف تسوي بين أصحاب السبق والفضل وبين غيرهم ، فقال أبو بكر : أنا أعلم بأهل السبق والفضل ولكن هذه حياة وهذه معيشة ، والمساواة فيها أفضل من الأثرة ، على ان هذا الاختلاف كان قصد الوصول إلى الحق وهو الاختلاف المقبول ، أما الخلاف لأهواء شخصية أو حزبية فهو ما نستعيذ بالله عز وجل منه .
وفي النهاية حذر د. القصبي من التشدد والغلو مُستشهدًا بقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) [ هلك المتنطعون ] .
وتحدثت أ.د/ آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر عن مفهوم الوسطية في الإسلام قائلةً : إذا كان هذا هو دينى وهذه عقيدتى فما الذى ابتليت به هذه الأمة من الإرهاب والتطرف، وأشارت إلى أن الأديان برئية من هذه الكراهية ومن هذا التدمير، موضحةً أن عدم الوعي السياسي هو الذي يُسئ إلى الإنسانية فى أى مكان .
ومن ناحية أخرى قال الدكتور حامد أبو طالب الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف : إن هذا المؤتمر يتصدى لمشكلتين فى غاية الخطورة : مشكلة التكفير ، ومشكلة الفتاوى ( التى وصفها بالطائفية ) ولذلك ينبغى علينا جميعًا أن نعطى هذا المؤتمر ما يستحقه من الاهتمام فى جميع وسائل الإعلام .
وتحدث مندوب الوفد اليمنى موجهًا الشكر لمعالى وزير الأوقاف أ. د. محمد مختار جمعة على انعقاد المؤتمر بعد غياب دام ثلاث سنين .
والخلاصة أن جميع المشاركين والمتداخلين أجمعوا خطورة إطلاق التكفير، وكما قال فضيلة الإمام الأكبر فى القاعدة الذهبية : لا يخرجك من الإيمان إلا جحد وإنكار ما أدخلك فيه ، فلا ينبغى أن نشرع فى إطلاق التكفير ، لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم ) حذر منه ، فقال : ” أيما امرىء قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه “.