خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد القدس محافظة القاهرة
د / عبدالناصر نسيم :
الإسلام أعلى من شأن حقوق الجار
مراعاة حقوق الجوار من أعلى درجات المروءة
د / محمد قرني حسين :
من إكرامِ الجارِ المُبادرة بتقديم الود له
إلحاق الأذى بالجار من أشد الحرمات في الإسلام
الشيخ / صالح رويس أحمد :
ينبغي معاملة جميع الجيران
بما يستوجبه حق الجوار
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد القدس– مدينة الضباط – بمحافظة القاهرة تحت عنوان : ” حسن الجوار من مكارم الأخلاق ” عقب صلاة المغرب يوم السبت 24 / 8 / 2019م ، حاضر فيها كل من : د/ عبدالناصر نسيم عطيان بالديوان العام ، و د/ محمد قرني حسين مدير إدارة شرق القاهرة ، والشيخ/ صالح رويس أحمد إمام وخطيب المسجد ، وحضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم , وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي .
وفي كلمته أكد د/ عبدالناصر نسيم عطيان أن الإسلام أعلى من شأن الجار ووضع له حقوقًا وأمر بالإحسان إليه يقول الحق سبحانه :”وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ “، وجعل النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) الإيمانَ الكامل مشروطًا بالإحسان إلى الجار ؛ فيقول (صلى الله عليه وسلم ) : “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم ): ” مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ”، مبينًا أن من حق الجار على جاره إذا مرض أن يعوده ، وإن أصابه خير هنأه ، وإن أصابته مصيبة عزاه ، وإن استعان به أعانه ، وإذا استغاث به أغاثه ، وأن لا يؤذيه بأي لون من ألوان الشر قولًا أو فعلاً ، مع ضرورة مراعاة أعلى درجات المروءة والود معه ، والحرص على ما ينفعه .
وفي كلمته أكد د / محمد قرني أن الله (عز وجلّ) أوصى في كتابه الكريم بالجار ، وأمر بالإحسان إليه ، وأن ذلك من أعظم حقوق الجوار ، وأن إلحاق الأذى بالآخرين ــ وإن كان حرامًا بصفة عامة ــ فإن حرمته تشتد إذا كان متوجهًا إلى الجار ؛ لأن الضرر للجار أعظم من ضرره لغيره فعقابها مضاعف، يقول رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه : “مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟” قَالُوا: حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِأَصْحَابِهِ: ” لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ “، قَالَ: فَقَالَ: ” مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟ ” قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ، قَالَ: ” لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ”، فعِظم الجرم في الحالتين وفي حق الجار أعظم وأشد ؛ لأن الاعتداء هنا اعتداءان: اعتداء على الأعراض ، واعتداء على حقوق الجوار ، وعندما جاء بعض الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذكروا له أن فلانة صوّامة قوّامة ، تصوم النهار وتقوم الليل إلا أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، قال (صلى الله عليه وسلم) :”هي في النار” ، فللمعاملة الكريمة مع الجار والهدية له الأثر الطيب في تأليف القلوب ، وإشاعة المحبة والألفة بين الناس خاصة الجيران الأقربين ، فعَنْ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) قالت : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ :”إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا”، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ : “يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ”، وقوله فرسن شاة : هو ما فوق الحافر وهو كالقدم للإنسان، والمقصود بذلك الحض على التصدق ولو بالقليل .
وفي كلمته أكد الشيخ / صالح رويس أحمد أن الوحي كان كثيرًا ما ينزل على النبي (صلى الله عليه وسلم) ليوصيه بالجار، حتى ظنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الله عز وجل سيشرع له ميراثًا من شدة الوصية به ، فعن عَائِشَةَ (رضي الله عنها) قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ: ” مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ “، فالبر والصلة وحسن الجوار والتكاتف والتآزر من أهم حقوق الجار ، مبينا أن سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) إذا ذبح شاة قال : أرسلوا لجارنا اليهودي منها ، حيث إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد أوصانا بحسن الجوار على إطلاقه ، ومعاملة جميع الجيران بما يستوجبه حق الجوار ، وأن أحد الصالحين كان له جار أصابته فاقة فباع بيته ، فمر جاره فسمع صوت بكاء أبنائه لفراق بيتهم ، فلما علم جاره الصالح اشترى البيت وأعاده إلى جاره وترك له المال إكرامًا منه لحق الجوار.