خلال برنامج ندوة للرأي بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بمحافظة القاهرة تحت عنوان : ” الصحبة وأثرها في بناء الشخصية ”
الشيخ/ مصطفى عبد السلام محمد :
الشخصية السوية تتسم بأسمى معاني الإنسانية
وأعلى درجات الوطنية
د/ عمرو الكمار :
الصاحب الحق مرآة أخيه
يحثه على الخير وينهاه عن الشر
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة , وفي إطار الرسالة التثقيفية والتنويرية التي تقوم بها وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني , ونشر القيم الإسلامية العظيمة التي تسهم بشكل كبير في بناء المجتمع ، ومن خلال التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ، نظمت وزارة الأوقاف ندوة دينية من مسجد ” السيدة زينب (رضي الله عنها)” بمحافظة القاهرة مساء يوم الثلاثاء 20 / 8 / 2019م بعنوان : ” الصحبة وأثرها في بناء الشخصية ” ، حاضر فيها كل من : الشيخ/ مصطفى عبد السلام محمد إمام مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) ، ود/ عمرو محمد الكمار بديوان عام وزارة الأوقاف ، بحضور جمع غفير من رواد المسجد ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب الذي أشاد بعنوان الندوة ، وبأن موضوعها يسهم بشكل كبير في بناء شخصية الإنسان , وتوثيق أواصر المحبة بين أفراد المجتمع .
وفي كلمته أكد الشيخ مصطفى عبد السلام أن الإنسان اجتماعي بفطرته ، يحيا في مجتمعه ، يتأثر به ويتفاعل معه ، من خلال سماته الشخصية التي تختلف عن غيره ، فإن للمجالسة والمقارنة أثرها الواضح الفعال في فكر الإنسان وسلوكه ، وهي سبب في تحديد مصيره وسعادته في الدنيا والآخرة ، ولا خلاف أننا نحتاج إلى شخصية سوية تتسم بأسمى معاني الإنسانية ، وأعلى درجات الوطنية ، حتى يخرج لنا جيل يبني ولا يهدم ، يعمر ولا يخرب ، يقدم مصلحة الوطن العامة على أية مصلحة أخرى ، موضحا أن للصحبة الصالحة أهميتها البالغة في بناء شخصية سوية ، نافعة لدينها ، ووطنها ، ومجتمعها ، وهذا ما ربَّى عليه النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صحابته الكرام ، وفي مقدمتهم سيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) الذي ضرب أروع المثل في حسن الصحبة والوفاء بحقها ، وذلك حين قال له أهل مكة : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس ، ثم عاد ، فقال بثقة ويقين في صاحبه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : إن كان قال فقد صدق ؛ إني أصدِّقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدِّقه في خبر السماء .
وفي ختام كلمته أشار إلى أن الشرع الحنيف كما حث على مصاحبة الأخيار ، كذلك حذر من مصاحبة أهل السوء فقال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السّوءِ ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ : إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ : إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً”، فصاحب السوء لا يعرف حقًا لأب ، ولا لجار , ولا لمعلم ، ولا لوطن ، ولا يريد أن يجعلك على خير أبدًا ، قال تعالى ” وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً” .
وفي كلمته أكد د/ عمرو الكمار أن الشريعة الغراء أمرت بحسن بناء الشخصية ، لتكون شخصية واعية ، تدرك المخاطر ، وتحسن مواجهة أعباء الحياة ، وتتقي الفتن والشبهات ، قال تعالى : {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً } ، كما وجهت الشريعة أيضا أن يكون الإنسان صاحب شخصية واثقة ، غير مترددة ، تعي الصواب النافع ، وتتبع الحق ، ولا تخوض مع الخائضين ، يقول النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ؛ تَقُولُونَ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا ، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا ، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا) ، ولا شك أن من أهم الأمور التي لها أثرها البالغ في بناء شخصية الإنسان : الصحبة ، فإنّ المرء يتأثر بجليسه ويصطبغ بصبغته فكرًا ومعتقدًا وسلوكًا وعملا ، مبينا أن الصاحب يعلو بصاحبه ، فما علا صحابة النبي إلا بسبب صحبتهم للنبي ( صلى الله عليه وسلم) ، فالإنسان إذا صاحب الأخيار علا معهم ، وإذا صاحب الأشرار نزل معهم، قال النبي ( صلى الله عليه وسلم) :” لا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلا يَأْكُلْ طعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ” ، والصحبة الصالحة لها أثرها في الدنيا والآخرة ، فمنها أنها سبب في حب الله والفوز بالجنة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : “أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى ، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ ، قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ : أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ ، قَالَ : هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ : لَا ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) ، قَالَ : فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ” .
وفي ختام كلمته أشار إلى أن الصاحب الحق مرآة أخيه ، يحثه على الخير ، وينهاه عن الشر ، ويحب له ما يحب لنفسه ، قال تعالى : {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، وعن أنس (رضي الله عنه) عن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال : (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) ، قلنا : يا رسول الله ، نصرته مظلومًا ، فكيف أنصره ظالمًا ؟ قال : (تَكُفُّهُ عَنِ الظُّلْمِ ؛ فَذَاكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ) .