خلال برنامج ندوة للرأي بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها )” بمحافظة القاهرة تحت عنوان : ” اغتنام مواسم الطاعات “
أ. د/ صابر عبد الدايم :
الوحدة وإعلاء القيم الإنسانية
من أهم دروس حجة الوداع
د/ هشام عبد العزيز علي :
نعيش هذه الأيام موسمًا
من أعظم المواسم أجرًا وأجلها قدرًا
وصكوك الأضاحي من صور التكافل المجتمعي
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة , وفي إطار الرسالة التثقيفية والتنويرية التي تقوم بها وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني , ونشر القيم الإسلامية العظيمة التي تسهم بشكل كبير في بناء المجتمع ، ومن خلال التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ، نظمت وزارة الأوقاف ندوة دينية من مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بمحافظة القاهرة مساء يوم الثلاثاء 6 / 8 / 2019م تحت عنوان : ” اغتنام مواسم الطاعات “، حاضر فيها كل من أ. د/ صابر عبد الدايم عميد كلية اللغة العربية الأسبق جامعة الأزهر ، و د/ هشام عبد العزيز علي مدير عام بوزارة الأوقاف ، بحضور جمع غفير من رواد المسجد ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ / عمر حرب الذي أشاد بعنوان الندوة ، وأن اغتنام مواسم الطاعات يسهم بشكل كبير في صلاح الفرد والمجتمع .
وفي كلمته أكد أ. د/ صابر عبد الدايم أننا نعيش هذه الأيام موسمًا من أعظم المواسم أجرًا ، وأجلها قدرًا ، فهي أيام شريفة ، وأوقات جليلة ، أقسم الله (عز وجل)بها في كتابه العزيز ، حيث يقول سبحانه :{وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ * والشفع والوتر}، والذي عليه جمهور المفسرين أن الليالي العشر هي العشر الأول من ذي الحجة ، والله (عز وجل) لا يقسم إلا بعظيم ، فالقَسَم بها تكريم لها ، وتعظيم لمكانتها ، وتنويه بشأنها ، فلا بد أن نغتنم هذه الأيام في فعل الطاعات ، موضحا أنه يستحب للمسلم أن يصوم من أيام التسع من ذي الحجة قدر استطاعته ، فصومها من الأعمال المحببة إلى الله تعالى ، وخاصة صيام يوم عرفة لغير الحاج : فقد خص النبي (صلى الله عليه وسلم) صيامه من بين أيام العشر ، حيث قال (صلى الله عليه وسلم) : (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) ، ويوم عرفة يوم من أيام الله المشهودة التي يتجلى الله (عز وجل) فيها على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ، فهو يوم تُجاب فيه الدَّعوات ، وتُقال فيه العَثَرات، ويباهي اللهُ فيه بأهل الأرض أهل السموات ، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ).
كما بين سيادته أن الوحدة وعدم التفرقة وإعلاء القيم الإنسانية من أهم دروس خطبة حجة الوداع ، التي وقف فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على عرفات قائلا:” أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي ، فإنِّي لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعدَ عامي هذا، بِهذا الموقِفِ أبدًا أيُّها النَّاسُ، إنَّ دماءَكم وأموالَكم عليْكُم حرامٌ ، إلى أن تلقَوا ربَّكم كحُرمةِ يومِكم هذا ، وَكحُرمةِ شَهرِكم هذا….) وأنه لا بد من دراسة عصرية للمعاني الجليلة الكامنة في هذه الخطبة الجامعة ، التي تحمل إسرارًا ودقائق عظيمة، فإنها مع كثرة الدراسات حولها إلا أن لكل عصر متطلباته.
وفي كلمته أكد د/ هشام عبد العزيز أن الله (عز وجل) قد اختص من أيام الدهر مواسم تضاعف فيها الحسنات ، وتكثر فيها الخيرات ، وترفع فيها الدرجات ، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) :” إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ فَتَعَرَّضُوا لَهُ ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا”، وأننا نعيش هذه الأيام موسمًا من أعظم المواسم أجرًا ، وأجلها قدرًا ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ) يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ) ، لذا ينبغي على كل مسلم أن يغتنم هذا الفضل الكبير ، والأجر العظيم بالتقرب إلى الله (عز وجل) بألوان الطاعات ، وصنوف العبادات ، ومن الأعمال الطيبة في هذه الأيام التكافل وصلة الأرحام وإدخال الفرح والسرور على الفقراء والمحتاجين ، ومن صور التكافل المشروع بين المسلمين الأضحية ، وهي سـنة من سنن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ينبغي الالتزام بها للمستطيع ، وحيث يكون الرخاء والسعة يكون العمل بقوله (صلى الله عليه وسلم) : “كلوا وتصدقوا وادخروا”, وحيث يكون بالناس جهد وحاجة أو شدة وفاقة يكون العمل بقوله (صلى الله عليه وسلم) :”من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء” ، وأن الأضحية كما تتحقق بالذبح تتحقق بشراء الصك ، وأن صكوك الأضاحي من صور التكافل المجتمعي ، وأن شراء الصك يعظم من نفع الأضحية , وبخاصة لمن لا يملك آلية لتوزيعها على الوجه الأمثل , مما يجعلها تصل عبر منظومة الصكوك إلى مستحقيها الحقيقيين , وهو ما يزيد من نفع الأضحية وثوابها في آن واحد , كما أنه يسهم في إيصال الخير إلى مستحقيه بعزة وكرامة ، وما أجمل أن يجمع المستطيع الموسر بين الأمرين ذبح الأضحية توسعةً على أهله وذويه ، وشراء الصكوك توسعة على عامة الفقراء في المناطق الأكثر احتياجًا.