خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ” بمسجد الزمالك ” بمحافظة القاهرة
د/ طارق صبري :
الحج مناسبة عظيمة
لتعلم الفضائل والأخلاق السامية
د/ ربيع غازي :
الذكر حياة القلوب وبه تتحقق الطمأنينة
الشيخ/ محمد إبراهيم عبد الله :
الصيام في العشر الأول من ذي الحجة
من أفضل الطاعات وأجلِّ القربات
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد “الزمالك” بالزمالك محافظة القاهرة تحت عنوان ” اغتنام مواسم الطاعات “عقب صلاة المغرب يوم السبت 27 / 7 / 2019م ، حاضر فيها كل من : د/ طارق محمد صبري مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة ، و د/ ربيع غازي مدير إدارة بولاق أبو العلا والزمالك ، والشيخ / محمد إبراهيم عبد الله إمام وخطيب المسجد ، وحضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم , وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ/ إبراهيم نصر مدير تحرير صحيفة عقيدتي , مشيدًا بعنوان الندوة وخاصة أننا في أشهر الحج ، فناسب موضوع الندوة الحدث الذي نحن بصدده والذي يهم كل مسلم .
وفي كلمته أشار د/ طارق صبري إلى أن الله فضل بعض الشهور والأيام والليالي على بعض قال تعالى : “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ”، ونعيش هذه الأيام موسمًا من أعظم المواسم أجرًا ، وأجلها قدرًا ، جعل الله (عز وجل) ثواب العمل الصالح فيها أكثر ثوابًا ، وأعظم أجرًا من العمل فيما سواها ، وقد أعلى الله (عز وجل) من شأنها ، وبين النبي (صلى الله عليه وسلم) منزلتها وفضلها حيث يقول سبحانه: “وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ * والشفع والوتر”، والذي عليه جمهور المفسرين أن الليالي العشر هي العشر الأول من ذي الحجة ، والله (عز وجل) لا يقسم إلا بعظيم ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”، مبينا أن الحج مناسبة عظيمة لتعلم الفضائل والأخلاق السامية ، حيث يتربى المسلم فيه على تقوى الله (عز وجل) والتحكم في غرائز النفس وشهواتها ، والتحلي بمكارم الأخلاق ومحاسنها ، فالحاج من خِلال حَجِّه يتوجب عليه أن يُطبِّق عمليًّا ما دعا إليه الإسلام من القيم والأخلاق ؛ ليخرج الحاج من مدرسة الحج وقد تحققت له مضامينه الأخلاقية والسلوكية.
وفي كلمته أكد د/ ربيع غازي أن الله (عز وجل) قد اختص من أيام الدهر مواسم تضاعف فيها الحسنات ، وتكثر فيها الخيرات ، وترفع فيها الدرجات ، والعاقل من يغتنم هذه المواسم فيخلص فيها النية ، ويحسن فيها العمل ، ويقبل على ربه (عز وجل) ، ويتعرض للنفحات والرحمات ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ لِرَبِّكُمْ (عزَّ وجلَّ) فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا ، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) ، ومنها هذه الأيام المباركة التي قد أظلنا زمانها ، فعلينا أن نغتنم هذه الأيام وبخاصة العشر الأول من ذي الحجة ، وأن نكثر من ذكر الله (عز وجل) فيها ، فالذكر حياة القلوب ، وبه تتحقق الطمأنينة ، حيث يقول الحق سبحانه : “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”، ويقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ ، وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ)، وكان سيدنا عمر (رضي الله عنه) يكبّر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبّرون ، ويكبّر أهل الأسواق حتى ترتجّ منى تكبيرًا)، وكان ابن عمر (رضي الله عنهما) يكبر بمنى تلك الأيام خلف الصلوات وعلى فراشه، وفي مجلسه وممشاه، ومن ثم فيستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام إعلانًا بتعظيم الله تعالى، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعمَالِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى)، وعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه): مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (عز وجل).
وفي كلمته أكد الشيخ/ محمد إبراهيم أن مواسم العبادة والطاعة بمثابة محطات لتزويد المسلم بالإيمان ، والتقوى ، والعمل الصالح ، فيجب على المسلم اغتنام أوقاته في طاعة ربه (عز وجل) قال تعالى : “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” ، ومن الأعمال الفاضلة التي يستحب للعبد أن يتقرب بها إلى الله (عز وجل) في هذه الأيام المباركة الصوم ، فالصيام في العشر الأول من ذي الحجة من أفضل الطاعات ، وأجلِّ القربات ، وقد أضافـه الله (عز وجل) إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره ، فقال سبحانه في الحديث القدسي (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ ، إِلَّا الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) ، ومن ثمَّ فإنه يستحب للمسلم أن يصوم من أيام التسع من ذي الحجة قدر استطاعته ، فصومها من الأعمال المحببة إلى الله تعالى ، وخاصة صيام يوم عرفة لغير الحاج : فقد خص النبي (صلى الله عليه وسلم) صيامه من بين أيام العشر ، حيث قال (صلى الله عليه وسلم) : (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) .