بالصور : علماء القافلة الدعوية السادسة المشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف يؤكدون على أهمية مراعاة النفع العام
د/ محمد محمد عويس :
تحقيق النفع العام
هو منهج الرسل والأنبياء جميعا
الشيخ/ أحمد سمير عطية :
تقديم الأعم نفعًا على الأخص
أساس في استقرار المجتمع ورقيه
الشيخ / سلامة جمعة حسن :
من يؤثر الضعيف والمحتاج والمسكين
جزاؤه عظيم وفضله كبير
الشيخ/ أحمد علي :
تلبية حاجات المجتمع الضرورية والملحة
من أعظم صور النفع العام
د/ الدكتور محمد الصغير :
صور النفع العام كثيرة ومتعددة
الشيخ/ حاتم أحمد محمد إسماعيل :
الإسلام راعى ترتيب الأولويات
حتى في الأعمال الصالحة
الشيخ / إبراهيم محمد إبراهيم :
ما كان من باب النفع العام
أولى من تكرار الحج والعمرة
د/ منتصف محمود عبد المهيمن :
حياة الصحابة (رضوان الله عليهم)
زاخرة بتحقيق النفع العام
د/ حمدي أمين عبد اللاه :
فهم الدين فهما صحيحا يقتضي
تقديم النفع العام على النفع الخاص
برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ومعالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة انطلقت اليوم الجمعة 26 يوليو 2019م سادس القوافل الدعوية المشتركة بين علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى مدينة السلام بمحافظة القاهرة لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان : ” النفع العام في ميزان الشرع الشريف “, وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة , ونشر الفكر الوسطي المستنير , وبيان يسر وسماحة الإسلام ، ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية ، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا .
فمن على منبر مسجد ” الطاهرة ” بمدينة السلام أكد د/ محمد محمد عويس عضو مجمع البحوث الإسلامية أن المتدبر لكتاب الله (عز وجل) يدرك يقينًا أن المقصد العام والكلي من تشريع الأحكام للناس هو تحقيق مصالحهم بجلب النفع والخير لهم، ودفع الضر والشر عنهم، فلقد أكد القرآن الكريم أن الحفاظ على المصلحة وتحقيق النفع العام هو منهج الرسل والأنبياء جميعًا ، فما أرسل الله (عز وجل) نبيًّا ولا رسولًا إلا لإسعاد قومه وتحقيق الخير لهم دون انتظار لمقابل أو منفعة دنيوية ، قال تعالى على لسان نبيه نوح (عليه السلام) : “وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ”، وقال سبحانه على لسان نبيه هود (عليه السلام) : “يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ”، وهذا خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام) يتضرع إلى ربه (عز وجل) بدعاء يبين مدى حرصه على نفع الناس ودوام الخير لهم قائلًا :”رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ”، فمن المعلوم أن المقصود من البلد هنا أهلها، كما دعا لهم بالرزق الذي يغنيهم عن غيرهم ، لأن البلد إذا كان آمنا ، ومطالب الناس الحياتية متوفرة فيه ، ساعد ذلك أهله على طاعة الله بنفوس مستقرة، وقلوب مطمئنة، تسعى لتحقيق مراد الله (عز وجل) من الخلق بعمارة الأرض وإصلاحها.
ومن على منبر مسجد “عمر بن الخطاب ” بمدينة السلام أكد الشيخ/ أحمد سمير عطية عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الشريعة المحمدية جاءت لتُرسي قواعد الحفاظ على استقرار المجتمع والعمل على رقيه وتقدمه من خلال تقديم الأعم نفعًا على الأخص، وترتيب الأولويات حتى تنتظم الحياة وتستقر ، والسيرة النبوية المطهرة ، وحياة الصحابة الكرام زاخرة بالمواقف العظيمة التي تدل على ذلك، فعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت : (لَوْ شِئْنَا أَنْ نَشْبَعَ شَبِعْنَا ، وَلَكِنَّ مُحَمَّدًا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ)، فكان (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُؤثِرُ غيره علَى نفسِهِ وعلَى أهْلِ بيتِهِ معَ شدةِ حاجتِهِمْ ، وعن أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رضي الله عنه) قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ : فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ)، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ) .
ومن على منبر مسجد “فاطمة الزهراء ” بمدينة السلام أكد الشيخ / سلامة جمعة حسن عضو مجمع البحوث الإسلامية أن جزاء من يؤثر الضعيف والمحتاج والمسكين عظيم ، وفضله كبير ، مستشهدًا بالمرأة التي آثرت ابنتيها على نفسها فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت : جَاءَتني مِسْكِينَةٌ تَحْمِل ابْنْتَيْن لَهَا ، فَأَطعمتهَا ثَلاثَ تَمْرَاتٍ ، فَأَعطتْ كُلَّ وَاحدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرفعتْ إِلى فِيها تَمْرةً لتَأَكُلهَا، فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّت التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُريدُ أَنْ تأْكُلهَا بيْنهُمَا، فأَعْجبني شَأْنَها، فَذَكرْتُ الَّذي صنعَتْ لرسولِ اللَّه (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم) فَقَالَ : (إنَّ اللَّه قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجنَّةَ ، أَو أَعْتقَها بِهَا مَن النَّارِ ).
ومن على منبر مسجد ” التوحيد” بمدينة السلام أكد الشيخ/ أحمد علي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الفهم الصحيح للدين يقتضي أن من صور النفع العام التي حث عليها ديننا الحنيف ، ورغب فيها مراعاة حال الناس وواقعهم ، وترتيب الأولويات تلبية لحاجات المجتمع الضرورية والملحة ، فإن كانت حاجة المجتمع إلى بناء المستشفيات وتجهيزها لعلاج الفقراء ورعايتهم فالأولوية لذلك، وإن كانت حاجة المجتمع لبناء المدارس والمعاهد وصيانتها وتجهيزها والإنفاق على طلاب العلم ورعايتهم فالأولوية لذلك ، وإن كانت الحاجة ماسة لتيسير زواج المعسرين، وسدِّ الدَّين عن المدينين، وتفريج كروب الغارمين.
ومن على منبر مسجد “خالد بن الوليد” بمدينة السلام أكد د/ الدكتور محمد الصغير بديوان عام الوزارة أن صور النفع العام كثيرة ومتعددة، منها أن سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) في عام الرمادة حينما اشتد بالمسلمين الفقر والجوع وحضرت تجارته من الشام فإذا هي ألف بعير محملة بُرًّا وزيتًا وزبيبًا فجاءه تجار المدينة، فقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: إنك لتعلم ما نريد ، بعنا هذا الذي وصل إليك ، فإنك تعلم ضرورة الناس إليه، قال: حبًّا وكرامة ، كم تربحونني على شرائي؟ قالوا: نزيدك الدرهم درهمين؟ فقال لهم: أُعطيت زيادة على هذا، قالوا : أربعة ، قال: أُعطيت زيادة على هذا، قالوا خمسة ، قال: أُعطيت زيادة على هذا، فقالوا له: يا أبا عمرو ما بقي في المدينة تجار غيرنا ، وما سبقنا إليك أحد ، فمن ذا الذي أعطاك؟ فقال : إن الله أعطاني بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: لا ، قال: فإني أشهد الله أني جعلت ما حملت هذه العير صدقة لله على المساكين وفقراء المسلمين .
ومن على منبر مسجد “الرحمن علم القرآن” بمدينة السلام محافظة القاهرة أوضح الشيخ/ حاتم أحمد محمد إسماعيل بديوان عام وزارة الأوقاف أن الإسلام راعى ترتيب الأولويات حتى في الأعمال الصالحة، فأمر عند المفاضلة بين عملين كلاهما خير بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة أو الشخصية، ذلك أن المصلحة العامة نفعها مُتعدٍّ ، أما المصلحة الشخصية فنفعها لا يتجاوز صاحبها ، فلو أن رجلًا يعمل في مؤسسة ما ويتقاضى على عمله هذا أجرًا فيقضي ليله في الصلاة والقيام ، ثم إذا جاء النهار ذهب إلى عمله متعبًا مرهقًا ولم يقم بواجبه المنوط به ، وتعطلت بسببه مصالح هذه المؤسسة ، ومصالح من تقوم المؤسسة بخدمتهم ، أليس ذلك تضييعًا للأمانة ، وأكلًا لأموال الناس بالباطل، وتفريطًا في المسئولية التي كُلف بها؟ وهو بذلك قد أضاع الواجبات من أجل أداء النوافل.
ومن على منبر مسجد ” أبو بكر الصديق” بمدينة السلام محافظة القاهرة أكد الشيخ / إبراهيم محمد إبراهيم بديوان عام وزارة الأوقاف أن الفهم الصحيح لدين الله (عز وجل) بما يتناسب مع واقع هذا الزمان، ويراعي أحوال الناس وحاجاتهم يقتضي أن لا تقف حدود الفهم عند بعض مسائل فقه الأحكام على سبيل التلقين أو التلقي دون غوص أو إدراك لفقه المقاصد، أو الأولويات ، أو الواقع ، أو المتاح مما تغيب معه الغاية الأسمى لمقاصد التشريع ، كما أن تقديم قضاء حوائج الناس والمجتمع، وكل ما كان من باب النفع العام أولى من تكرار الحج والعمرة ؛ لأن قضاء حوائج الناس كالتيسير على معسرٍ وقضاء حاجته ، أو الصدقة على فقير وكفايته ، أو فك أسر سجينٍ مدينٍ بدينٍ من فروض الكفايات، ومعلوم أن الوفاء بفروض الكفايات مقدم على جميع النوافل بما فيها تكرار الحج والعمرة .
ومن على منبر مسجد ” الحق ” بمدينة السلام محافظة القاهرة بين الدكتور/ منتصف محمود عبد المهيمن بمديرية أوقاف القاهرة أن حياة الصحابة (رضوان الله عليهم) زاخرة بتحقيق النفع العام، منها: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أشار على الصحابة بشراء بئر رومة وَكَانَت تحت يد رجل يهودي وكان يغالي في ثمن مائها ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ ) فأتى عثمان (رضي الله عنه) اليهودي وساومه عليها ، فأبى أن يبيعها كلها ، فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم ، فجعله للمسلمين ، وكان لسيدنا عثمان يوما ولليهودي يوم . فكان إذا جاء يَوْم عثمان استقى المسلمون مَا يكفيهم يومين. فلما رأى ذَلِكَ اليهودي قَالَ: أفسدت علي بئري، فاشترِ النصف الآخر، فاشتراه عثمان (رضي الله عنه( استجابة لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاشتراها ؛ وحرصًا على المصلحة العامة للمسلمين ، وتحقيق النفع العام للمسلمين.
ومن على منبر مسجد ” الفاروق عمر ” بمدينة السلام محافظة القاهرة أوضح الدكتور/ حمدي أمين عبد اللاه بمديرية أوقاف القاهرة أنننا نحتاج إلى فهم ديننا فهما صحيحا ، وإدراكنا لواقعنا إدراكا واعيا يجعلنا نقدر حجم المخاطر التي تحيط بنا ، ويحملنا على تقديم النفع العام والمصلحة العامة على المصلحة الشخصية بكل إخلاص وتجرد، امتثالًا لتعاليم ديننا الحنيف ، ورغبة في تقدم وطننا ورفعته والنهوض والرقي به إلى المكانة التي تليق به وبأبنائه .