خلال برنامج ندوة للرأي بمسجد (مصطفى محمود) بالجيزة تحت عنوان: “التيسير في الحج”
أ.د/ جمال فاروق:
كل ما هو بعيد عن الرحمة والتيسير ليس من الدين
وأساس فريضة الحج التخفيف
د/ محمد عزت محمد:
التيسير منهج رباني وهدي نبوي
افعل ولا حرج هدي نبوي في الحج
ش/ محمد الدومي:
التشدد دأب غير المتخصصين
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة ، وفي إطار الرسالة التثقيفية والتنويرية التي تقوم بها وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني ، ونشر الفكر الوسطي المستنير لبيان عظمة الشريعة ، ومن خلال التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ، نظمت وزارة الأوقاف مساء يوم الثلاثاء 23 / 7 /2019م ندوة للرأي بمسجد (مصطفى محمود) بالجيزة تحت عنوان: ” التيسير في الحج ” حاضر فيها كل من : أ.د/ جمال فاروق عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر ، و د/محمد عزت محمد بديوان عام وزارة الأوقاف ، والشيخ/محمد عبد العال الدومي إمام وخطيب المسجد ، بحضور جمع غفير من رواد المسجد ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي أ/ عمر حرب الذي أشاد بعنوان الندوة ، وأنه يسهم بشكل كبير في بيان يسر الإسلام وسماحته.
وفي كلمته أكد أ.د/ جمال فاروق أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) بُعث بالشريعة الإسلامية الخاتمة ، وجاءت رسالته مبنية على الرحمة والتيسير ورفع الحرج ، قال تعالى :”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” ، فكل ما هو بعيد عن الرحمة والتيسير ، فليس من الدين ، قال تعالى : ” وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حرج” ، وقال سبحانه : ” لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ” ، وتجلى التيسير في العبادات ، والمعاملات ، بل وفي سائر التكاليف الشرعية ، وما اجتمع على عبد مشقتان إلا وجاز له ترك أحدهما.
كما أكد فضيلته أن التشريع في الإسلام مبني على قوله تعالى : ” لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” ، وحذر النبي (صلى الله عليه وسلم) من التشدد فقال:” هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ” ، وقال(صلى الله عليه وسلم) ” إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ”، مبينًا أن الحج نوع من أنواع الجهاد لما فيه من المشقة ، قال (صلى عليه وسلم):”جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ” ، وأساس فريضة الحج مبني على التخفيف والاستطاعة ، قال تعالى: “وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا” ، وأن الله تعالى أوجب على الإنسان أن يحفظ نفسه وصحته ، قال تعالى :” وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ” ، وحفظ النفس من الكليات الخمس ، ولو هلكت النفس ضاع الدين .
وفي كلمته أكد د/ محمد عزت أن الشريعة الإسلامية تتميز بأنّها شريعة يسر وسهولة ، جاءت بالتخفيف ، ورفع الحرج والمشقة عن الناس ، وراعت هذا الأمر في جميع أحكامها ، ولم تأتِ أبداً لشقاء الناس وتعذيبهم ، قال تعالى: “يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” ، ولا يُقصد بالتيسير أن يتساهل المسلم في طاعة الله (عز وجل) وعبادته ، بل لا بدّ من المحافظة على حدود الشرع وضوابطه ، موضحا أن التيسير منهج رباني ، وهدي نبوي ، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) : “ما خُيِّر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلَّا اختار أيسرَهما ، ما لم يكن إثمًا ، فإن كان إثمًا كان أبعد النَّاس منه” ، والحج في أصله مبني على التيسير وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن كثير من مناسك الحج فأجاب بقوله (صلى الله عليه وسلم) : “افعل ولا حرج” ، لتصبح افعل ولا حرج هدي نبوي في الحج ، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (رضي الله عنهما) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) وَقَفَ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. فَقَالَ: (اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ) فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِي قَالَ: (ارْمِ وَلاَ حَرَجَ) فَمَا سُئِلَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ: “افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ”.
وفي كلمته أكد الشيخ/محمد عبد العال الدومي أن الحج فيه أحكام كثيرة تحتاج إلى التيسير والتخفيف ، وعدم التعنت والتشدد ، إذ التعنت والتشدد دأب غير المتخصصين ، موضحا أن اختلاف الفقهاء في قضايا الحج يعطي للحاج فسحة في دينه ، وللفقيه تقرير مبدأ التيسير والتخفيف ، فمثلا التنوع في الإحرام بالحج ، ما بين تمتع ، أو قران ، أو إفراد ، هو من باب التعدد لمراعاة أحوال المكلفين والتخفيف والتيسير عليهم ، وأن الله (عز وجل) شرع الفدية لمن ارتكب محظورًا من محظورات الحج تخفيفا وتيسيرًا على الحاج ، بل جعلها وفق ما تيسر له ، قال تعالى : “وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي “، كما أن الإسلام نوع المواقيت المكانية وجعلها متعددة وفق كل بلد ، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” يُهِلُّ أهْلُ المدينةِ مِن ذي الحُلَيفَةِ، وأهْلُ الشَّامِ مِنَ الجُحفةِ، وأهلُ نجْدٍ مِن قَرْنٍ. قال عبدُ الله- يعني ابنَ عُمرَ- وبلغني أنَّ رَسولَ اللهِ (صلَّى الله عليه وسَلَّم) قال: ويُهِلُّ أهلُ اليَمَنِ مِن يَلَمْلَمَ”، عملًا بأيسر المذاهب ، كل هذا يعطي التيسير والتخفيف على المكلفين ، ورفع الحرج عنهم.