خلال برنامج ندوة للرأي بمسجد مولانا الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة تحت عنوان : ” روح العمل الجماعي ”
أ.د/ عبد الله النجار :
العمل الجماعي من أعظم العبادات
وأحد أهم أسباب النجاح
د/ خالد صلاح :
العمل الجماعي سنة من سنن الإسلام
بناء مسجد النبي أنموذج عظيم للعمل الجماعي
د/ ياسر مغاوري :
العمل الجماعي دعوة إلى فناء الذات لتحقيق الهدف المنشود
والمصلحون دائمًا يعملون بروح الجماعة
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة , وفي إطار الدور التثقيفي والتنويري الذي تقوم به وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني , ونشر الفكر الوسطي المستنير , وبالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام , وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري , نظمت وزارة الأوقاف مساء يوم الثلاثاء 2 / 7 / 2019م بين صلاتي المغرب والعشاء ” ندوة للرأي ” بعنوان : ” روح العمل الجماعي ” ، من مسجد مولانا الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة ، حاضر فيها كل من: أ.د/ عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق، و د/ خالد صلاح الدين وكيل مديرية أوقاف القاهرة ، و د/ ياسر مغاوري إمام وخطيب مسجد سيدنا الإمام الحسين (رضي الله عنه) ، بحضور لفيف من القيادات الدينية بالوزارة ، وجمع غفير من رواد المسجد ، وأدار الندوة وقدم لها الإعلامي الكبير أ/ عمر حرب الذي أشاد بعنوان الندوة في معالجته للقضايا المهمة لا سيما وأنها تتعلق بالعمل الجماعي ، والذي يعد ركنا أساسا في بناء الأوطان.
وفي كلمته أكد فضيلة أ.د/ عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق أن العمل الجماعي يقوم به فريق من أجل نجاح العمل ، الذي يعمل على إسعاد المجتمع ، وتقدم البلاد والأوطان ، مؤكدا أن الإنسان الذي يعمل ويجتهد ويسعد من حوله يتقرب إلى الله (تعالى) بأعظم العبادات ، موضحا أن آيات القرآن الكريم زاخرة بخطاب المجموع ، بل أساس خطاب القرآن الكريم المجموع لا خطاب الفرد ، وافتتح القرآن الكريم بالخطاب الجمعي، قال تعالى: ” الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” ، وختم بالخطاب الجمعي، قال تعالى:” قلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ “، وقد يبدأ القرآن الكريم بالخطاب الفردي ثم يختم بالخطاب الجمعي، فالغاية هي المجموع ، وإذا تحدث عن الأفراد فإنما يريد أن نأخذ العبرة من الصالحين، أو العظة من الطالحين، قال تعالى:” فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”، وقال:” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ”، وقال تعالى:” فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ” .
كما بين فضيلته أن الله تعالى خلق الإنسان وجعله خليفة ، أي يخلف بعضه بعضًا، والأجيال التي تأتي بعده إنما تحمل رسالته لمن بعدهم ، لذا فقد وجب على الأجيال الحالية أن تعمر الأرض للأجيال القادمة ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) :”إ نَّكَ إنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ”، وقال:” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُوْلُ” ، فالعمل من أجل المجموع واجب شرعي .
وفِي ختام كلمته أكد فضيلته أن العمل العام ما يعود نفعه على الجميع دون اختصاص أحد ، وإذا تعارض الحق العام على الخاص يقدم الحق العام ، ولو ترك الناس الحق العام أثموا جميعًا ، ويجب أن يكون العمل العام خالصًا لله تعالى ، فإنه أحد أهم أسباب نجاحه ، حيث إنه يهدف إلى تعمير الأرض وعدم تخريبها ، والإسلام لا يعرف إلا البناء، فهو دين البناء لا الهدم ، والتعمير لا التخريب .
وفي كلمته أكد د/ خالد صلاح وكيل مديرية أوقاف القاهرة أن الإنسان مدني بطبعه ، ولا يستطيع أن يعيش بمفرده ، وسخر الله للإنسان كل ما في الكون ، ليستطيع أن يؤدي مهمته ، قال تعالى : ” وسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ” ، فلا يستطيع الإنسان أن يقوم بكل مهام حياته ، والعمل في ديننا الحنيف عبادة ، بل بلغ أجر العامل مثل المجاهد في سبيل الله ، فقد مرَّ على النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) رجلٌ؛ فرأى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جَلَدِه ونشاطه ، فقالوا : يا رسول الله! لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :” إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبيرَيْنِ فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يعِفُّهَا فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ في سَبيلِ الشَّيْطَانِ”.
كما بين فضيلته أن على الإنسان أن يأخذ بالأسباب ، وأهم الأسباب العمل والإخلاص فيه ، قال تعالى:” هوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ”، موضحا فضيلته أنه ما من إنسان يأخذ بالأسباب إلا يسر الله (تعالى) له، وأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حث على العمل فقال:” ما أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ “، والعمل الجماعي سنة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقد شارك النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه في بناء المسجد ، ليلهب مشاعر الصحابة في جانب العمل الجماعي، بل حفر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الخندق بيده ، وأخذ (صلى الله عليه وسلم) بالأسباب .
وفي كلمته أكد د/ ياسر مغاوري إمام وخطيب مسجد سيدنا الإمام الحسين (رضي الله عنه) أن العمل الجماعي من طبيعة البشر ، ففي أول أمر للملائكة كان جمعًا فلم يفرد الأمر بينهم فردًا فردًا، قال تعالى:” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ”، ومن صلى مفردًا فقد فرغ ذمته، بينما من صلى في جماعة حاز فضلًا كبيرًا وثوابًا عظيمًا ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :” صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ درَجَةً”، مع أن الصلاة هي الصلاة ، لأن يد الله (تعالى) مع الجماعة.
كما أكد فضيلته أن العمل الجماعي يدعو إلى فناء الذات ، إذ إنه لا ينسب لفرد معين، فمن مميزات العمل الجماعي أن ينسب الفضل للمجموع ، ويوم أن عمل المسلمون بتلك الروح تقدموا، وقد دعانا الإسلام للعمل الجماعي من خلال قصص القرآن الكريم ، ففي قصة ذي القرنين دعوة وحث للعمل الجماعي، والتعاون على تحقيق الهدف المنشود ، والوصول إلى المبتغى، قال ـ تعالى ـ عن ذي القرنين لما طلب منه القوم بناء السد :” فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا”، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لأصحابه:” أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ”.
وفِي ختام كلمته أكد فضيلته أنه لم يؤت أحد جميع القوى ، ولم يستحوذ أحد على جميع الخصائص إلا رسول الله محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والمصلحون دائمًا يعملون بروح الجمع.