خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي بمسجد (الإيمان) بمدينة نصر
الدكتور/ عمرو الكمار :
الوفاء بالعهد قيمة أخلاقية وإنسانية
وإذن الدولة بدخول الأشخاص عهد ملزم لكل مواطنيها لا يجوز نقضه
الشيخ/ محمد محمد ندا:
الإسلام دين حفظ العهود والعقود ، لا يعرف الغش ولا الخداع
الدكتور/ بسيوني عبد الحميد عبد العزيز:
الإسلام دين العدل والتسامح والتعايش السلمي
برعاية كريمة من معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أقامت وزارة الأوقاف بالتعاون مع صحيفة عقيدتي ندوة علمية كبرى بمسجد ” الإيمان ” بمدينة نصر محافظة القاهرة ، تحت عنوان : ” مفهوم عهد الأمان في العصر الحاضر ” ، عقب صلاة المغرب ، يوم السبت 22/ 6 / 2019 م ، حاضر فيها كل من : الدكتور/ عمرو الكمار عضو الإدارة العامة لبحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، والشيخ/ محمد محمد ندا مدير إدارة أوقاف شرق مدينة نصر ، والدكتور/ بسيوني عبد الحميد عبد العزيز إمام المسجد ، وقد حضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم ، وأدار الندوة وقدم لها الأستاذ / جمال سالم نائب رئيس تحرير صحيفة عقيدتي ، مشيدا بعنوان الندوة ، وأن موضوعها يعد من أهم قضايا التجديد.
وفي بداية كلمته قدم د/ عمرو الكمار الشكر لمعالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة على جهوده في الدعوة وإقامته لمثل هذه الندوات التثقيفية المهمة ، مؤكداً أن الإسلام دين الأمن والأمان ، والسلم والسلام ، ولا شك أن الوفاء بالعهد قيمة أخلاقية وإنسانية عظمى ، وهو أدب رباني جليل ، وخلق نبوي كريم ، مبينًا أن الإسلام أمر أتباعه بضرورة التحلي بخلق الوفاء بالعهود والمواثيق ، قال تعالى : “وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً” ، كما أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) حذر من نقض العهود ، ومن عدم الوفاء بها ؛ قال (صلى الله عليه وسلم) : ” آيـة المنـافـقِ ثــلاثٌ : إِذا حـدَّث كذَب ، وِإذا وعدَ أَخلفَ ، وِإذا اْؤتمِنَ خانَ” .
وفي ذات السياق أكد أن من جملة العهود التي أوجب الشرع الحنيف الالتزام بها “عهد الأمان” والذي يعني في العصر الحاضر: ما تمنحه الدولة من تصريح، أو تأشيرة ، أو إذن بالدخول إلى أراضيها ، سواء أكان سائحًا ، أم زائرًا ، أم مقيمًا ، بموجب الأعراف ، والمواثيق ، والاتفاقيات الدولية في التعامل مع الدبلوماسيين ، ومن في حكمهم ، أو بموجب الاتفاقيات الثنائية بين الدول ، فيصبح هذا العهد الذي أعطته الدولة له مُلزمًا لكل مواطنيها ، والمقيمين بها ، لا يجوز نقضه ، أو الالتفاف عليه ، أو التحلل منه ، لا شرعًا، ولا قانونًا.
وفي ختام كلمته بين أن من رأى مخالفة تمس أمن وطنه ، أو تخالف النظام العام لدولته ، فليس له إلا أن يرفع الأمر لأهل الاختصاص ، حتى تتمكن أجهزة الدولة من محاسبته في ضوء ما تقتضيه وتنظمه القوانين ، فليس لآحاد الناس محاسبته على ما بدر منه ، أو التعرض له بسوء ، وإلا صارت الأمور إلى الفوضى وعدم الانضباط .
وفي كلمته أكد الشيخ/ محمد محمد ندا مدير إدارة أوقاف شرق مدينة نصر أن الإسلام دين حفظ العهود والعقود ، دين لا يعرف الغش ، ولا الخداع ، فلم يثبت عنه (صلى الله عليه وسلم) ولا عن أحد من أصحابه (رضوان الله عليهم) أنهم نقضوا عهد أمان منحوه لأحد قال تعالى :”إنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ” ، موضحا أن عظمة الإسلام تتضح وتتجلى في أعلى صورها حينما أمر الله (عز وجل) نبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يجير ويأمن من استجاره ، ولو كان مشركًا ، بل ولو كان محاربًا ، حيث يقول سبحانه : “و َإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ”، وقد ضرب النبي ( صلى الله عليه وسلم) أروع الأمثلة في الوفاء بالعهد حتى مع أعدائه ؛ فعن حُذَيْفَة بْن الْيَمَانِ (رضي الله عنه) : مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي ، فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ ، قَالُوا : إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا ، فَقُلْنَا : مَا نُرِيدُهُ ، مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (انْصَرِفَا ، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ) .
وفي كلمته أكد الدكتور/ بسيوني عبد الحميد عبد العزيز إمام المسجد أنه يجب علينا جميعًا الحفاظ على العهود والمواثيق التي تلتزم بها الدولة تجاه كلِّ إنسان يدخل إلى بلادنا ، وأن نكون متعاونين ومتضامنين على حفظ دمه ، وعرضه ، وماله ، كما أن من واجبنا حسن استقباله ، وإكرامه؛ ليرى عظمة ديننا ، وعمق حضارتنا ، مبينا أن الإسلام دين العدل والتسامح والتعايش السلمي ، وأنه إذا انتقل المسلم لبلد آخر ، سواء أكان من بلاد المسلمين ، أم من غيرها ، فإن التأشيرة التي تمنحها هذه الدولة له – كعهد أمان ، يأمن به على نفسه – هي في المقابل عهد أمان منه لأهل هذا البلد ؛ يأمنون به على أنفسهم وأموالهم ، ويُلزمه ذلك أن يخضع لقوانين هذا البلد ، ويلتزم بها ، حتى يكون خير سفير لدينه ، ووطنه ، وحضارته ، حتى لا يقع تحت طائلة قوله تعالى : “وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ”.