وزير الأوقاف في خطبة الجمعة : الإسلام دين الأمن والأمان والمؤمن لا يعرف الغدر ولا الخيانة
أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة في خطبته بمسجد النادي بمدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية اليوم 17 شوال 1440هــ ـ الموافق 21 يونيو 2019م تحت عنوان : “مفهوم عهد الأمان في العصر الحاضر”, أن الإسلام دين الأمن والأمان , وأن المؤمن لا يعرف الغدر ولا الخيانة , وأن من جملة العهود التي أمر الشرع الحنيف بالتزامها ، وأكد على وجوب الوفاء بها ، وعدم نقضها “عهد الأمان” ؛ وهو بمفهوم العصر الحاضر : ما تمنحه الدولة من تصريح، أو تأشيرة ، أو إذن بالدخول إلى أراضيها لأحد رعايا الدول الأخرى ، سواء أكان سائحًا ، أم زائرًا ، أم مقيمًا ، بموجب الأعراف ، والمواثيق ، والاتفاقيات الدولية في التعامل مع الدبلوماسيين ، ومن في حكمهم ، أو بموجب الاتفاقيات الثنائية بين الدول ، بأي طريق من الطرق المعتبرة ، المعتبرة قانونا ، والمعترف والمعمول بها لدى الدولة المضيفة ، وفق قوانينها المنظمة ، فبمجرد حصول هذا الشخص على تصريح الإقامة ، أو تأشيرة أو إذن الدخول أصبح له حق وحرمة داخل هذه الدولة ، وأصبح هذا العهد الذي أعطته الدولة له مُلزمًا لكل مواطنيها ، والمقيمين بها ، لا يجوز نقضه، أو الالتفاف عليه ، أو التحلل منه ، لا شرعًا ، ولا قانونًا ، ومن رأى من عامة الناس مخالفة تمس أمن وطنه ، أو تخالف النظام العام لدولته ، فليس له إلا أن يرفع الأمر لأهل الاختصاص ، حتى تتمكن أجهزة الدولة من محاسبته في ضوء ما تقتضيه وتنظمه القوانين ، إذ ليس لآحاد الناس محاسبته على ما بدر منه ، أو التعرض له بسوء، وإلا صارت الأمور إلى الفوضى وعدم الانضباط .
ومما لا شك فيه أن الوفاء بهذا العهد من أوجب الواجبات وألزمها شرعا ، وقانونا ، ووطنية ، وإنسانية ، فإذا كان ديننا الحنيف قد أعلى من شأن عهد الأمان ، وجعل ذمة المسلمين في ذلك واحدة ؛ بمعنى أن العهد الذي يقطعه أحد المسلمين على نفسه، يكون مُلزمًا لجميع المسلمين ، فما بالنا إذا صار هذا العهد ميثاقا يضبطه وينظمه الشرع والقانون معا ، متعاضدين ، يقوي كل منهما الآخر ، ويدعمه ، ويستوجبه ؟ لا شك أن ذلك يقتضي الوفاء بالذمم والعهود ، لا نقضها ، ولا تضييعها ، ولا حتى مجرد المساس بها .
كما أكد معاليه أن المسلم دائمًا مصدر أمن وأمانٍ، وسلمٍ وسلامٍ في كل مكان يحل فيه ، في بلاده ، وفي غيرها ؛ فإذا انتقل المسلم إلى بلد آخر ، سواء أكان من بلاد المسلمين ، أم من غيرها ، فإن التأشيرة التي تمنحها هذه الدولة له – كعهد أمان ، يأمن به على نفسه – هي في المقابل عهد أمان منه لأهل هذا البلد ؛ يأمنون به على أنفسهم وأموالهم ، ويُلزمه ذلك أن يخضع لقوانين هذا البلد ، ويلتزم بها ، ويؤدي ما عليه بأمانة وصدق ، فيحرم عليه أخذ شيء من أموالهم بغير حق ، أو الاعتداء على أعراضهم ، أو الغدر بهم بأي صورة من الصور، حتى يكون خير سفير لدينه ، ووطنه ، وحضارته ، فبمجرد دخوله تلك البلاد قد التزم وعاهد الله (عز وجلّ) على الوفاء ، حتى لا يقع تحت طائلة قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}، يقول الإمام الشافعي (رحمه الله) : إذا دخل الرجل دار غير المسلمين بأمان منهم ، فلا يحل له أن يأخذ شيئا من أموالهم – قل أو كثر – حتى ولو كانوا في حالة حرب مع المسلمين ؛ لأنه إذا كان منهم في أمان ، فهم منه في أمان مثله ؛ ولأنه لا يحل له في أمانهم إلا ما يحل له من أموال المسلمين .
وأكد -أيضًا- أن المريض أمانة في يد الطبيب , والخصوم أمانة في يد القاضي , والطلاب أمانة في يد المعلم , وهكذا في سائر المهن والحرف والصناعات , وكما علمنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ”.