ملخص الحلقة رقم ( 22) بعنوان ” تصرفات النبي (صلى الله عليه وسلم) في شئون الدولة ” لوزير الأوقاف من برنامج : ” في رحاب الروضة النبوية ”
لم يكن النبي (صلى الله عليه وسلم) نبيًّا فحسب ، إنما كان (صلى الله عليه وسلم) نبيًّا ورسولاً ، وحاكمًا ، وقائدًا عسكريًّا ، فما صدر منه باعتباره نبيًّا ورسولاً فيما يتصل بشئون العقائد والعبادات والقيم والأخلاق ، أُخذ على النحو الذي بينه (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه ، ولا يختلف أمر البيان فيه باختلاف الزمان أو المكان ، أما ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) بكونه نبيًّا وحاكمًا ، أو بصفته نبيًّا وقائدًا عسكريًّا ، أو بصفته نبيًّا وقاضيًا ، فهو تصرف باعتبارين : باعتباره (صلى الله عليه وسلم) نبيًّا واعتباره (صلى الله عليه وسلم) حاكمًا أو قائدًا أو قاضيًا .
وإذا كان أمر النبوة والرسالة قد ختم بقول الله تعالى : ” مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا” ، فإن ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) باعتباره حاكمًا أو قائدًا عسكريًّا أو قاضيًا بقي من ضرورات التصرف فيه توفر الصفة الأخرى وهي كون المتصرف حاكمًا أو قائدًا عسكريًّا أو قاضيًا بحسب الأحوال ، فعلى سبيل المثال : ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) رسولا وحاكما ، أو بصفته نبيًّا وقائدًا عسكريًّا ، فقد تصرف فيه باعتبارين : باعتباره (صلى الله عليه وسلم ) نبيًّا ، واعتباره (صلى الله عليه وسلم) حاكمًا أو قائدًا ، ومما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) باعتباره رسولاً وحاكمًا معا قوله (صلى الله عليه وسلم):”من أحيا أرضًا ميتة فهي له” ، يقول الإمام أبو حنيفة (رحمه الله) : ” هذا منه (صلى الله عليه وسلم) تصرف بالإمامة ، أي بصفته حاكمًا ، فلا يجوز لأحد أن يحيي أرضًا إلا بإذن الإمام ، لأن فيه تمليكًا ، فأشبه الإقطاعات ، والإقطاع يتوقف على إذن الإمام فكذلك الإحياء” .
وعلى هذا ، فلا يجوز لأحد أن يضع يده على قطعة من الأرض ويقول أحييتها فهي لي وبيني وبينكم حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، نقول له إن النبي (صلى الله عليه وسلم) تصرف في ذلك بصفته حاكمًا ، فلا يجوز لغير الحاكم إصدار مثل هذا القرار المتعلق بالحق العام ، أو المال العام ، أو الملك العام ، وإلا لصارت الأمور إلى الفوضى وفتح أبواب لا تسد من الفتن والاعتداء على الملك العام ، وربما الاقتتال بين الناس ، إنما يجب أن يلتزم في ذلك بما تنظمه الدساتير والقوانين التي تنظم شئون البلاد والعباد .