*:*الأخبارأخبار الأوقاف2
خلال احتفال وزارة الأوقاف بيوم بدر بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بالقاهرة
وزير الأوقاف يؤكد:
علينا تسمية الأسماء بمسمياتها الحقيقية
يوم بدر ، ويوم أحد ، ويوم الخندق ، ويوم حنين
ولم يرد في القرآن الكريم لفظ غزوة قط
الإذن بالقتال في الإسلام محصور في رد الاعتداء ودفع الظلم
والعطاء للدين والوطن قائم إلى يوم القيامة
في إطار الدور التوعوي والعمل على إذكاء الروح الإيمانية والوطنية ، ونشر الوعي الديني والمجتمعي احتفلت وزارة الأوقاف يوم الأربعاء ١٧رمضان ١٤40هـ الموافق ٢٢ مايو ٢٠١٩ بيوم بدر بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) عقب صلاة التراويح ، بحضور فضيلة الدكتور / نوح عبد الحليم العيسوي وكيل الوزارة لشئون المساجد والقرآن الكريم ، وفضيلة الشيخ / خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة ، ولفيف من قيادات الوزارة ، والسادة الأئمة ، وجمع غفير من المصلين .
وفي كلمته أكد معالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة أننا نعيش في رحاب أيام وليالي عظيمة في شهر رمضان ، فيه يوم بدر ، ويوم الفتح ، ويوم العاشر من رمضان ، وليلة القدر ، موضحا معاليه أن القرآن الكريم سمى الأسماء بمسمياتها الأدق ، فلم يرد في القرآن الكريم لفظ غزوة قط ، إنما عبر بلفظ يوم عما كان من نصر المسلمين يوم بدر الذي سماه الحق سبحانه وتعالى يوم الفرقان ، فقال سبحانه : ” وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ “.
وهكذا أيضا تحدث القرآن الكريم عن يوم حنين ، حيث يقول الحق سبحانه : “لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” ، فقد كانت حروب النبي (صلى الله عليه وسلم) دفاعية ، إما دفعا لعدوان وردا لاعتداء أو دفعا لخيانة أو تآمر أو لنقض الأعداء عهدهم معه (صلى الله عليه وسلم) ، ولَم يكن أي منها اعتداء على أحد ، فكان الأنسب والأدق التعبير عنها بلفظ يوم وليس بلفظ غزوة ، وهو ما نعتمده ونراه الأدق في التعبير ، وضعا للأمور في نصابها وتسميتها بمسمياتها التي سماها القرآن الكريم بها وآثرها على غيرها .
كما أكد معاليه أننا يجب أن نستلهم الدروس والعبر من سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) , ومنها يوم بدر ، فإننا يجب أن نقف عند عظات وعبر وأحكام شديدة الأهمية ، ومن أهمها بيان أن الإذن بالقتال في الإسلام محصور في رد الاعتداء ودفع الظلم ، ولم يؤذن لهم بالقتال حتى دفاعا عن أنفسهم حتى هاجروا إلى المدينة وصار لهم دولة ووطن يدافعون عنهما .
وفي سياق متصل أوضح معاليه أننا عندما نقرأ قول الله تعالى: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } نجد بداية أن القرآن الكريم لم يعبر بقوله: أَذِن الله ، ولكن قال: (أُذن) بالبناء للمجهول ، ليحتاط في الأمر ، ويقتصر في القتال على دفع الضرر ، ولم يقل أذن للمؤمنين ، ولا أذن للمسلمين ، ولا للذين يُؤذَون ، وإنما جعل علة الإذن : {أذن للذين يقاتلون } لحكمة جليلة ، وهي : أن القتال شرع لدفع الظلم وردِّ اعتداء المعتدي .
على أننا إذا فرض علينا القتال فكلنا يقين أننا بين إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة ، فيوم بدر أكرم الله (عزّ وجلّ) المؤمنين بنصر من عنده على قلّة عددهم وعدتهم بالقياس إلى أعدائهم ، يقول الحق سبحانه : ” وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ* بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ” ( آل عمران : 123 – 126 ) ، فنزول الملائكة إنما كان لبث الطمأنينة في قلوبهم ، على أن الملائكة أنفسهم إنما نزلوا بأمر الله وثبتوا بتثبيته لهم ، ويقول سبحانه : ” إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ” (الأنفال : 12) ، ويقول الحق سبحانه : ” فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ” (الأنفال : 17).
فإذا كنا مع الله بحق وصدق ألقي الرعب في قلوب أعدائنا ، وإذا حدنا عن منهجه وشرعته نزع من قلوب أعدائنا المهابة منا وألقى الوهن في قلوبنا لبعدنا عنه ، ومخالفتنا لأوامره ، وعدم طاعتنا له ، أو تقصيرنا في الأخذ بالأسباب التي أمرنا أن نأخذ بها من إعداد أنفسنا بكل ما يتضمنه الإعداد من معان إيمانية وعسكرية واقتصادية ، حيث أمرنا سبحانه وتعالى بذلك فقال : ” وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ” (الأنفال : 60) .
فالأخذ بالأسباب وصدق النية وحسن التوجه إلى الله ( عزّ وجلّ ) والاستعانة به أهم أسباب النصر ، يقول الحق سبحانه : ” وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ” (الصافات : 171-173) ، ويقول سبحانه : “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ” (النور : 55) .
فما كان لهذه القلة من المسلمين أن تقتل وتهزم تلك الكثرة من المشركين لولا تثبيت الله (عز وجل) للمسلمين ، ونصره إياهم على المشركين لبغيهم وظلمهم وطغيانهم، ذلك أن جيش المشركين هو الذي خرج إلى المدينة متجبرًا مختالًا يريد استئصال شأفة المسلمين بها ، وكان أهل المدينة قد بايعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على حمايته داخل المدينة مما يحمون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : “أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ” فتكلم جماعة من المهاجرين فأحسنوا ، وكلما تكلم واحد منهم يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “أشيروا علي أيها الناس” ، حتى قَام سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فقال : وَالله لَكَأَنّك تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ الله ؟ قَالَ: أَجَلْ ، قَالَ : فَقَدْ آمَنّا بِك وَصَدّقْنَاك ، وَشَهِدْنَا أَنّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقّ ، وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا ، عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ ، فَامْضِ يَا رَسُولَ الله لِمَا أَرَدْتَ فَنَحْنُ مَعَك ، فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لخضْنَاهُ مَعَك ، مَا تَخَلّفَ مِنّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوّنَا غَدًا ، إنّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ، لَعَلّ الله يُرِيك مِنّا مَا تَقَرّ بِهِ عَيْنُك ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ الله ، ثُمّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله امْضِ لِمَا أَرَاك الله فَنَحْنُ مَعَك ، وَالله لَا نَقُولُ لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى : ” اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّكَ فَقَاتِلَا إنّا هَهُنَا قَاعِدُونَ” وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إنّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ ، فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ سِرْت بِنَا إلَى بِرْكِ الْغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَك مِنْ دُونِهِ حَتّى تَبْلُغَهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله (صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ) خَيْرًا ، وَدَعَا لَهُ “.
ولذلك جاءت البشرى لسيدنا سعد بن معاذ (رضي الله عنه) عند وفاته في قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ ).
وقد أعد رسولنا (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ما استطاعوا من عدة ، وكانوا حريصين على الشهادة حرص غيرهم على الحياة ، وفيها أكرم الله (عز وجل) نبيه وعباده بالنصر المبين على قلة عددهم وعتادهم ، لصدق نيتهم ، وحسن توكلهم عليه ، وأخذهم بما استطاعوا من أسباب .
وفِي ختام كلمته أكد معاليه أن العطاء للدين وللوطن قائم إلى يوم القيامة ، وأن التضحية في سبيل الوطن والذود عن حياضه ، والعطاء لتقدمه وازدهاره لا ينقطع .