بملتقى الفكر الإسلامي بساحة مولانا الإمام الحسين (رضى الله عنه) في الليلة السابعة على التوالي
أ.د/ إبراهيم الهدهد :
علاقة وطيدة بين فهم القرآن من خلال التفكر في الكون
وفهم الكون من خلال القرآن الكريم
أ.د/ بكر زكي عوض :
الكتب السماوية جاءت بهدى ونور للناس
والقرآن الكريم له خصوصيات ترقى بالأمة
في إطار دور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي المستنير , والتوعية بقضايا الدين والمجتمع , وغرس القيم النبيلة والأخلاق الطيبة ، وتوعية الشباب بالقضايا الدينية والوطنية ، نظمت وزارة الأوقاف يوم الثلاثاء 9 رمضان 1440هــ الموافق 14 / 5 /2019م لقاءً علميًا بعنوان : ” رمضان شهر القرآن ” وذلك في إطار استمرار فعاليات ملتقى الفكر الإسلامي ، والذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بساحة مسجد مولانا الإمام الحسين (رضى الله عنه) بالقاهرة ، حاضر فيه كل من: أ.د/ إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر السابق، و أ.د / بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الأسبق ، بحضور عدد من قيادات الوزارة ، وبعض من السادة الأئمة , وجمع غفير من الجمهور ، وعدد من طلبة العلم الموفدين من دول أفريقية وأسيوية ، وأدار اللقاء الإعلامي أ / أحمد يوسف المذيع بالتليفزيون المصري.
وفي كلمته أكد أ.د/ إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر السابق أن عظمة القرآن لا تُدرك إلا من خلال القرآن , فالقرآن يحدثنا عن القرآن ، قال تعالى: “لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ” , لكن قلب المؤمن أعظم من كل جبل , فقد تحمل قلب المؤمن عظمة القرآن ، أما الجبال فقد اندكت لما تجلى الله (تعالى) في البقعة المباركة , والفرق بين كلام الله (تعالى) وكلام البشر كالفارق بين الخالق والمخلوق.
كما بين فضيلته أن العلاقة بين كتاب الله الناطق (القرآن الكريم) وكتاب الله الصامت (الكون) علاقة قوية ؛ فلا يمكن فهم أحدهما إلا من خلال الآخر , وذلك من خلال آيتين في القرآن الكريم، الأولى: ” قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا” , والثانية ” وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” فلو تحولت بحار الدنيا كلها إلى مداد وأحبار لن تُوف معاني القرآن حقها , لذا لم يخل زمن من مفسرين للقرآن ومع هذا لم يستطيعوا له خُبرا , وذلك لكثرة عطاءات الله (تعالى) في كونه.
وفي ذات السياق أكد فضيلته أن القرآن الكريم في غاية الحسن كله ، غير متفاوت في بلاغته على غير كلام البشر , ففي كلام البشر قوي وضعيف ، وبليغ وركيك، وجيد وغير جيد ؛ لذا تجد كتابات البشر قوية في بعض صفحاتها ، ضعيفة في بعضها الآخر ، وذلك من اختلاف أحوال البشر وقوة نفوسهم وضعفها ورضاها وغضبها , أما كلام الله (تعالى ) فعلى درجة واحدة من العظمة والبلاغة ؛ لأنه كلام رب العالمين، قال تعالى: “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا” , والخلو من التناقض ليس مدحًا وإنما شرط لصحة الكلام ، ومن هنا يكون معنى الآية أن القرآن ليس متفاوتًا كتفاوت كلام البشر وإنما كله على درجة واحدة من الحسن والجمال والبلاغة والفصاحة والبيان.
وفي كلمته أكد أ.د/ بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الأسبق أن الله ( عز وجل) له أسماء وصفات , وأن الناس يحيون بين أسماء الله (تعالى) وصفاته , ومن أسماء الله أنه الرحمن , وأنه الرحيم ، وتجلت هذه الرحمة بعدم ترك الله (تعالى) للإنسان في هذه الحياة سدى, قال تعالى: ” فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” , وهو مظهر عظيم من مظاهر رحمة الله للبشرية جمعاء , فقد شاءت إرادة الله أن ينزل تلك الرحمة في كتاب هو القرآن الكريم، مشتمًلا على الهدى والنور ، قال تعالى : ” ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ”.
كما بين فضيلته أن من رحمة الله تعالى على البشر أنه أنزل التوراة على موسى (عليه السلام) فيها هدى ونور ، قال تعالى: ” إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ”، وأنزل على عيسى (عليه السلام) الإنجيل فيه هدى ونور ، قال تعالى :” وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ” , وأنزل على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) القرآن الكريم , وخص القرآن بأنه للبشرية جمعاء , وأنه مهيمن على ما سبقه من الكتب , قال تعالى: ” وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ”، فالكتب السماوية جاءت بهدى ونور للناس، والقرآن الكريم له خصوصيات ترقى بالأمة نحو الرقي والحضارة.
وفي ذات السياق أكد فضيلته أن للنص القرآني خصائص كثيرة ، منها : أن الله تكفل بحفظه , ولم يتركه للبشر ، قال تعالى: ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” , وأنه مُتعبد بتلاوته , فكل حرف بعشر حسنات والحسنة بعشر أمثالها ,كما أنه عين معجزة النبي (صلى الله عليه وسلم) , تحدى به البشر أجمع في زمن نزوله وبعد نزوله فوقفوا عاجزين عن الإتيان بسورة من مثله ، قال تعالى: ” قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا” .
وفي ختام كلمته أكد فضيلته أن من خصائص النص القرآني أنه كُتب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فإسناده متصل بالنبي (صلى الله عليه وسلم) الذي تلقاه من جبريل (عليه السلام) عن رب العزة (جل وعلا) ، وبهذه الخاصية يتميز القرآن على جميع الكتب.